أكلتم أرضنا و جذذتموها # فهل من قائم أو من حصيد
فهبنا أمة هلكت ضياعا # يزيد أميرها و أبو يزيد
أ تطمع بالخلود إذا هلكنا # و ليس لنا و لا لك من خلود
ذروا جور الخلافة و استقيموا # و تأمير الأراذل و العبيد [1]
قال: فما منعك يا أمير المؤمنين أن تبعث إليه من يضرب عنقه؟قال: أ فلا خير من ذلك؟قال: و ما هو؟قال: نجتمع أنا و أنت فنرفع أيدينا إلى السماء و ندعو عليه.
فما زاد على أن أزري [2] به.
زياد و الفرزدق في قوم هجاهم:
استعدى قوم زيادا على الفرزدق و زعموا أنه هجاهم، فأرسل فيه و عرض له أن يعطيه، فهرب منه و أنشد:
دعاني زياد للعطاء و لم أكن # لأقربه ما ساق ذو حسب وفرا [3]
و عند زياد لو يريد عطاءهم # رجال كثير قد يرى بهم فقرا
فلما خشيت أن يكون عطاؤه # أداهم سودا أو محدرجة سمرا [4]
نهضت إلى عنس تخوّن نيّها # سرى الليل و استعراضها البلد القفرا [5]
يؤمّ بها الموماة من لا ترى له # لدى ابن أبي سفيان جاها و لا عذرا
ثم لحق بسعيد بن العاص و هو والي المدينة، فاستجار به و أنشده شعره الذي يقول فيه:
إليك فررت منك و من زياد # و لم أحسب دمي لكما حلالا
فإن يكن الهجاء أحلّ قتلي # فقد قلنا لشاعركم و قالا
[1] الأراذل: جمع الأرذل: و هو الخسيس، أو الرديء من كل شيء.
[2] أزرى به: تهاون به و قصّر.
[3] الوفر: التام من كل شيء.
[4] الأداهم: القيود. و المحدرجة: السياط المغارة المفتولة.
[5] العنس: الناقة القوية، شبهت بالصخرة لصلابتها.