اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 6 صفحة : 170
ترى الغرّ السّوابق من قريش # إذا ما الأمر بالحدثان عالا [1]
قياما ينظرون إلى سعيد # كأنهم يرون به هلالا
يزيد و الأخطل في هجاء الانصار
و لما وقع التهاجي بين عبد الرحمن بن حسان و عبد الرحمن بن أم الحكم أرسل يزيد ابن معاوية إلى كعب بن جعيل، فقال له: إن عبد الرحمن بن حسان فضح عبد الرحمن ابن الحكم فاهج الانصاري. فقال: أ رادّي أنت إلى الإشراك بعد الإيمان؟لا أهجو قوما نصروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و لكن أدلّك على غلام مناصري. فدله على الأخطل فأرسل إليه فهجا الأنصاري، و قال فيه:
ذهبت قريش بالمكارم كلّها # و اللؤم تحت عمائم الانصار
قوم إذا حضر العصير رأيتهم # حمرا عيونهم من المسطار [2]
و إذا نسبت إلى الفريعة خلته # كالجحش بين حمارة و حمار
فدعوا المكارم لستم من اهلها # و خذوا مساحيكم بني النجار [3]
و كان مع معاوية النعمان بن بشير الانصار، فلما بلغه الشعر أقبل حتى دخل على معاوية، ثم حسر العمامة عن رأسه و قال: يا معاوية، هل ترى من لئوم؟قال: ما أرى إلا كرما. قال: فما الذي يقول فينا عبد الأراقم:
ذهبت قريش بالمكارم كلّها # و اللؤم تحت عمائم الانصار!
قال قد حكمتك فيه. قال: و اللّه لا رضيت إلا بقطع لسانه، ثم قال:
معاوي إلا تعطنا الحقّ تعترف # لحي الازد مشدودا عليها العمائم
أ يشتمنا عبد الاراقم ضلّة # و ما الذي تجدي عليك الاراقم [4]
فمالي ثأر دون قطع لسانه # فدونك من ترضيه عنك الدّراهم
[1] الحدثان: نوائب الدهر و مصائبه، أو الليل و النهار.