responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 82

وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [1] .

فهذه أبلغ الحجج و أحكم المواعظ.

ثم مواعظ الأنبياء صلوات اللّه عليهم، ثم مواعظ الآباء للأبناء، ثم مواعظ الحكماء و الأدباء، ثم مقامات العبّاد بين أيدي الخلفاء، ثم قولهم في الزهد و رجاله المعروفين به، ثم المشهورين من المنتسبين إليه.

و الموعظة ثقيلة على السمع محرّجة [2] على النفس، بعيدة من القبول، لاعتراضها الشهوة، و مضادّتها الهوى، الذي هو ربيع القلب، و مراد الروح، و مربع اللهو، و مسرح الأماني؛ إلا من وعظه علمه، و أرشده قلبه؛ و أحكمته تجربته قال الشاعر:

لن ترجع الأنفس عن غيّها # حتى يرى منها لها واعظ

و قالت الحكماء: السعيد من وعظ بغيره. لا يعنون من وعظه غيره، و لكن من رأى العبر في غيره فاتعظ بها في نفسه. و لذلك كان يقول الحسن: اقدعوا هذه النفوس فإنها طلعة [3] ، و حادثوها بالذّكر [4] فإنها سريعة الدثور، و اعصوها فإنها إن أطيعت نزعت إلى شرّ غاية.

و كان يقول عند انقضاء مجلسه و ختم موعظته: يا لها من موعظة لو صادفت من القلوب حياة.

لابن السماك:

و كان ابن السماك يقول إذا فرغ من كلامه: ألسن تصف، و قلوب تعرف، و أعمال تخالف.

و قال يونس بن عبيد: لو أمرنا بالجزع لصبرنا. يريد ثقل الموعظة على السمع،


[1] سورة يس الآية 77-79.

[2] محرجة على النفس: مضيقة عليها.

[3] طلعة: كثيرة التطلع.

[4] حادثوها بالذكر: اجلوها بذكر اللّه.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست