responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 358

رد الشعوبية على ابن قتيبة

قال بعض من يرى رأي الشعوبية فيما يردّ به على ابن قتيبة في تباين الناس و تفاضلهم، و السيد منهم و المسود.

إننا نحن لا ننكر تباين الناس و لا تفاضلهم، و لا السيد منهم و المسود، و الشريف و المشروف؛ و لكنا نزعم أنّ تفاضل الناس فيما بينهم ليس بآبائهم و لا بأحسابهم، و لكنه بأفعالهم و أخلاقهم و شرف أنفسهم و بعد هممهم؛ أ لا ترى أنه من كان دني‌ء الهمة، ساقط المروءة، لم يشرف و إن كان من بني هاشم في ذؤابتها، و من أمية في أرومتها، و من قيس في أشرف بطن منها؛ إنما الكريم من كرمت أفعاله، و الشريف من شرفت همته؛ و هو معنى حديث النبي عليه الصلاة و السّلام: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» . و قوله في قيس بن عاصم: «هذا سيد أهل الوبر» . إنما قال فيه لسؤدده في قومه بالذب عن حريمهم، و بذله رفده لهم: أ لا ترى أن عامر بن الطفيل كان في أشرف بطن في قيس يقول:

و إني و إن كنت ابن سيّد عامر # و فارسها المشهور في كلّ موكب

فما سوّدتني عامر عن وراثة # أبى اللّه أن أسمو بأمّ و لا أب

و لكنّني أحمي حماها و أتّقي # أذاها و أرمي من رماها بمنكب‌ [1]

و قال آخر:

إنّا و إن كرمت أوائلنا # لسنا على الأحساب نتّكل

نبني كما كانت أوائلنا # تبنى و نفعل مثل ما فعلوا

و قال قس بن ساعدة: لأقضينّ بين العرب بقضية لم يقض بها أحد قبلي و لا يردّها أحد بعدي: أيما رجل رمى رجلا بملامة دونها كرم، فلا لؤم عليه، و أيما رجل ادّعى كرما دونه لؤم فلا كرم له.

و مثله قول عائشة أم المؤمنين: كل كرم دونه لؤم فاللؤم أولى به، و كل لؤم دونه


[1] المنكب: مجتمع رأس الكتف و العضد.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست