responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 359

كرم فالكرم أولى به. تعني بقولها، أن أولى الأشياء بالإنسان طبائع نفسه و خصالها، فإذا كرمت فلا يضره لؤم أوّليته، و إن لؤمت فلا ينفعه كرم أوّليته.

و قال الشاعر:

نفس عصام سوّدت عصاما # و علّمته الكر و الإقداما

و صيّرته ملكا هماما

و قال آخر:

مالي عقلي و همّتي حسبي # ما أنا مولى و لا أنا عربي

إن انتمى منتم إلى أحد # فإنّني منتم إلى أدبي‌ [1]

و تكلم رجل عند عبد الملك بن مروان بكلام ذهب فيه كل مذهب، فأعجب عبد الملك ما سمع منه، فقال: ابن من أنت يا غلام؟قال: ابن نفسي يا أمير المؤمنين التي نلت بها هذا المقعد منك!قال: صدقت!.

و قال النبي عليه الصلاة و السّلام: «حسب الرجل ماله، و كرمه دينه» .

و قال عمر بن الخطاب: إن كان لك مال فلك حسب، و إن كان لك دين فلك كرم.

و ما رأيت أعجب من ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب؛ إنه ذهب فيه كل مذهب من فضائل العرب، ثم ختم كتابه بمذهب الشعوبية، فنقض في آخره كل ما بنى في أوله؛ فقال في آخر كلامه؛ و أعدل القول عندي أن الناس كلهم لأب و أمّ، خلقوا من تراب، و أعيدوا إلى التراب، و جروا في مجرى البول، و طرأ عليهم الأقذار؛ فهذا نسبهم الأعلى الذي يرتدع به أهل العقول عن التّعظّم و الكبرياء، و الفخر بالآباء، ثم إلى اللّه مرجعهم فتنقطع الأنساب، و تبطل الأحساب، إلا من كان حسبه التقوى، أو كانت ماتّته‌ [2] طاعة اللّه.


[1] انتمى: انتسب.

[2] الماتّة: الحرمة و الوسيلة.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست