responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 232

أبكيك لا للنّعيم و الأنس # بل للمعالي و الرّمح و الفرس

يا فارسا بالعراء مطّرحا # خانته قوّاده مع الحرس

أبكي على سيّد فجعت به # أرملني قبل ليلة العرس

أم من لبرّ أم من لعائدة # أم من لذكر الإله في الغلس‌ [1]

من للحروب التي تكون لها # إن أضرمت نارها بلا قبس‌

و قال أعرابية ترثي زوجها:

كنّا كغصنين في جرثومة بسقا # حينا على خير ما ينمى به الشجر

حتى إذا قيل قد طالت فروعهما # و طاب قنواهما و استنظر الثّمر [2]

أخنى على واحد ريب الزّمان و ما # يبقي الزّمان على شي‌ء و لا يذر [3]

كنّا كأنجم ليل بينهما قمر # يجلو الدّجى فهوى من بيننا القمر

الأصمعي و جارية على قبر زوجها:

الأصمعيّ قال: دخلت بعض مقابر الأعراب و معي صاحب لي، فإذا جارية على قبر كأنها تمثال، و عليها من الحلي و الحلل ما لم أر مثله، و هي تبكي بعين غزيرة و صوت شجي؛ فالتفت إلى صاحبي فقلت: هل رأيت أعجب من هذا؟قال: لا و اللّه و لا أحسبني أراه!ثم قلت لها: يا هذه إني أراك حزينة و ما عليك زي الحزن. فأنشأت تقول:

فإن تسألاني فيم حزني فإنني # رهينة هذا القبر يا فتيان

و إني لأستحييه و التّرب بيننا # كما كنت أستحييه حين يراني

أهابك إجلالا و إن كنت في الثرى # مخافة يوم أن يسوأك شاني‌

ثم اندفعت في البكاء و جعلت تقول:

يا صاحب القبر يا من كان ينعم بي # بالا و يكثر في الدّنيا مواساتي


[1] الغلس: ظلمة آخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح.

[2] القنو: الغدق.

[3] أخنى عليه الدهر: أهلكه و أتى عليه.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست