responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 233

قد زرت قبرك في حلي و في حلل # كأنني لست من أهل المصيبات

أردت آتيك فيما كنت أعرفه # أن قد تسرّ به من بعض هيآتي

فمن رآني رأى عبرى مولّهة # عجيبة الزّيّ تبكي بين أموات‌

و قال: رأيت بصحراء جارية قد ألصقت خدها بقبر و هي تبكي و تقول:

خدّي يقيك خشونة اللّحد # و قليلة لك سيّدي خدّي

يا ساكن القبر الذي بوفاته # عميت عليّ مسالك الرّشد

اسمع أبثّك علّتي و لعلّني # أطفي بذلك حرقة الوجد

من رثى جاريته‌

كان لمعلى الطائي جارية يقال لها وصف، و كانت أديبة شاعرة، فأخبرني محمد بن وضّاح، قال: أدركت معلّى الطائي بمصر و أعطي بجاريته وصف أربعة آلاف دينار، فباعها؛ فلما دخل عليها قالت له: بعتني يا معلّى!قال: نعم. قالت: و اللّه لو ملكت منك مثل ما تملك مني ما بعتك بالدنيا و ما فيها!فردّ الدنانير و استقال صاحبه، فأصيب بها إلى ثمانية أيام؛ فقال يرثيها:

يا موت كيف سلبتني و صفا # قدّمتها و تركتني خلفا

هلاّ ذهبت بنا معا فلقد # ظفرت يداك فسمتني خسفا

و أخذت شقّ النفس من بدني # فقبرته و تركت لي النّصفا

فعليك بالباقي بلا أجل # فالموت بعد وفاتها أعفى

يا موت ما أبقيت لي أحدا # لمّا رفعت إلي البلى وصفا

هلاّ رحمت شباب غانية # ريّا العظام و شعرها الوحفا [1]

و رحمت عيني ظبية جعلت # بين الرّياض تناظر الخشفا [2]

تغفي إذا انتصبت فرائصه # و تظل ترعاه إذا أغفى‌ [3]


[1] الوحف: الأسود.

[2] الخشف: ولد الظبي.

[3] الفرائص: مفرده فريصة، و هي لحمة بين الكتف و الصدر ترتعد عند الفزع.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست