responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 183

كتاب السّدرة في النوادي و التعاذي و المراثي‌

قال أحمد بن محمد بن عبد ربه: قد مضى قولنا في الزهد و رجاله المشهورين: و نحن قائلون بعون اللّه في النوادب و المراثي، و التهاني و التعازي، بأبلغ ما وجدناه من الفطن الذكية، و الألفاظ الشجية، التي ترق القلوب القاسية، و تذيب الدموع الجامدة، مع اختلاف النوادب عند نزول المصائب؛ فنادبة تثير الحزن من ربضته، و تبعث الوجد من رقدته، بصوت كترجيع الطير، و تقطع أنفاس المآتم‌ [1] ، و تترك صدعا في القلوب الجلامد؛ و نادبة تخفض من نشيجها، و تقصد في نحيبها، و تذهب مذهب الصبر و الاستسلام، و الثقة بجزيل الثواب.

قال عمر بن ذرّ: سألت أبي: ما بال الناس إذا وعظتهم بكوا، و إذا وعظهم غيرك لم يبكوا؟قال: يا بنيّ، ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة.

و قال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما بال المراثي أشرف أشعاركم؟قال: لأنا نقولها و قلوبنا محترقة.

و قال الحكماء: أعظم المصائب كلها انقطاع الرجاء.

و قالوا: كلّ شي‌ء يبدو صغيرا ثم يعظم؛ إلا المصيبة؛ فإنها تبدو عظيمة ثم تصغر.


[1] المآتم: اجتماع النساء للموت.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 3  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست