اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 3 صفحة : 111
تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فإن أخسر الناس صفقة يوم القيامة و أعظمهم غبنا، من باع آخرته بدنيا غيره. قال سليمان: أما أنت يا أعرابي فقد سللت لسانك و هو أحد سيفيك. قال: أجل يا أمير المؤمنين، لك لا عليك.
المأمون و واعظ:
و وعظ رجل المأمون فأصغى إليه منصتا، فلما فرغ قال: قد سمعت موعظتك، فأسأل اللّه أن ينفعنا بها، و ربما عملنا، غير أنا أحوج إلى المعاونة بالفعال منا إلى المعاونة بالمقال، فقد كثر القائلون و قلّ الفاعلون.
العتبي قال: دخل رجل من عبد القيس على أبي فوعظه، فلما فرغ قال أبي له: لو اتعظنا بما علمنا لانتفعنا بما عملنا، و لكنا علمنا علما لزمتنا فيه الحجة، و غفلنا غفلة من وجبت عليه النقمة، فوعظنا في أنفسنا بالتنقل من حال إلى حال، و من صغر إلى كبر، و من صحة إلى سقم، فأبينا إلا المقام على الغفلة، إثارا لعاجل لا بقاء لأهله، و إعراضا عن آجل إليه المصير.
عتبان بن أبي سفيان و بعض القراء:
سعد القصير قال: دخل أناس من القراء على عتبة بن أبي سفيان فقالوا: إنك سلطت السيف على الحق و لم تسلط الحق على السيف، و جئت بها عشوة [1] خفيّة. قال:
كذبتم!بل سلطت الحق و به سلطت، فاعرفوا الحق تعرفوا السيف، فإنكم الحاملون له حيث وضعه أفضل، و الواضعون له حيث عمله أعدل، و نحن في أوّل زمان لم يأت آخره، و آخر دهر قد فات أوله. فصار المعروف عندكم منكرا، و المنكر معروفا. و إني أقول لكم مهلا، قبل أن أقول لنفسي هلا!قالوا: فنخرج آمنين؟قال غير راشدين و لا مهذبين.