responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 82

للدنيا، و يستظهر بحجج اللّه على أوليائه، و بنعمه على عباده؛ أو منقادا لحملة الحقّ و لا بصيرة له في أحنائه‌ [1] ، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء، أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع و الادخار ليسا من رعاة الدين في شي‌ء أقرب شبها بهما الأنعام السائمة. كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم بحجة اللّه إما ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج اللّه و بيناته؛ و كم ذا، و أين؟أولئك و اللّه الأقلّون عددا؛ و الأعظمون عند اللّه قدرا؛ بهم يحفظ اللّه حججه حتى يودعوها نظراءهم؛ و يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الإيمان حتى باشروا روح اليقين؛ فاستلانوا ما استخشن المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالرفيق الأعلى.

يا كميل، أولئك خلفاء اللّه في أرضه، و الدعاة إلى دينه، آه آه. شوقا إليهم.

انصرف إذا شئت.

قيل للخليل بن أحمد: أيهما أفضل: العلم أو المال؟قال العلم. قيل له: فما بال العلماء يزدحمون على أبواب الملوك و الملوك لا يزدحمون على أبواب العلماء؟قال: ذلك لمعرفة العلماء بحقّ الملوك و جهل الملوك بحق العلماء.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «فضل العلم خير من فضل العبادة» .

و قال عليه الصلاة و السلام: «إنّ قليل العمل مع العلم كثير، كما أنّ كثيره مع الجهل قليل» .

و قال عليه الصلاة و السلام: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله‌ [2] ، ينفون عنه تحريف القائلين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين» .

و قال الأحنف بن قيس: كاد العلماء أن يكونوا أربابا، و كلّ عز لم يؤكّد بعلم فإلى ذلّ ما يصير.


[1] الأحناء: المتشابه، أو الأطراف و النواحي من الأمور.

[2] عدوله: أي العلماء ذوي العدل.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست