اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 356
و الناس مشركون، و أطاع و الناس كارهون، فلم يزل في ذلك حتى قتل مبارزي بدر، و أفنى أهل أحد، و هزم الأحزاب، و قتل اللّه به أهل خيبر، و فرّق به جمع هوازن؛ فيا لها من وقائع زرعت في قلوب نفاقا، و ردّة و شقاقا، و زادت المؤمنين إيمانا، و قد اجتهدت في القول؛ و بالغت في النصيحة، و باللّه التوفيق، و السلام عليكم و رحمة اللّه.
فقال معاوية: يا أم الخير، ما أردت بهذا الكلام الا قتلي، و لو قتلتك ما حرجت في ذلك.
قالت: و اللّه ما يسوؤني أن يجري قتلي علي يدي من يسعدني اللّه بشقائه.
قال: : هيهات يا كثيرة الفضول. ما تقولين في عثمان بن عفان رحمه اللّه؟ قالت: و ما عسيت أن أقول في عثمان، استخلفه الناس و هم به راضون، و قتلوه و هم له كارهون.
قال معاوية: يا أم الخير؛ هذا أصلك الذي تبنين [1] .
قالت: لكن اللّه يشهد و كفى باللّه شهيدا؛ ما أردت بعثمان نقصا، و لكن كان سابقا إلى الخير، و إنه لرفيع الدرجة غدا.
قال: فما تقولين في طلحة بن عبيد اللّه؟قالت: و ما عسى أن أقول في طلحة؟ اغتيل من مأمنه، و أتي من حيث لم يحذر، و قد وعده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الجنة.
قال: فما تقولين في الزبير؟قالت: و ما أقول في ابن عمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و حواريّه، و قد شهد له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالجنة، و قد كان سبّاقا إلى كل مكرمة في الإسلام، و أنا أسألك بحق اللّه يا معاوية، فإنّ قريشا تحدّثت أنك أحلمها: أن تسعني بفضل حلمك، و أن تعفيني من هذه المسائل، و تسألني عما شئت من غيرها.
قال نعم و نعمة عين، قد أعفيتك منها. ثم أمر لها بجائزة رفيعة و ردّها مكرمة.
[1] في بعض الأصول: هذا ثناؤك الذي تثنين، يريد أن سوء رأيها في عثمان هو الأصل الذي بنت عليه.
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 356