responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 355

يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم، إنّ زلزلة السّاعة شي‌ء عظيم!إن اللّه قد أوضح لكم الحق، و أبان الدليل، و بين السبيل، و رفع العلم، و لم يدعكم في عماء مدلهمة: فأين تريدون رحمكم اللّه؟أ فرارا عن أمير المؤمنين، أو فرارا من الزحف، أم رغبة عن الإسلام، أم ارتدادا عن الحق؟أ ما سمعتم اللّه جل ثناؤه يقول: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتََّى نَعْلَمَ اَلْمُجََاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ اَلصََّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبََارَكُمْ [1] .

ثم رفعت رأسها إلى السماء و هي تقول: اللهم قد عيل الصبر، و ضعف اليقين، و انتشرت الرعبة، و بيدك يا ربّ أزمّة القلوب، فاجمع اللهم بها الكلمة على التقوى، و ألف القلوب على الهدى، و اردد الحق إلى أهله. هلمّوا رحمكم اللّه إلى الإمام العادل و الرضيّ التقيّ، و الصديق الأكبر؛ إنها إحن بدرية، و أحقاد جاهلية، و ضغائن أحدية وثب بها واثب حين الغفلة، ليدرك ثارات بني عبد شمس.

ثم قالت: فَقََاتِلُوا أَئِمَّةَ اَلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاََ أَيْمََانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [2] . صبرا يا معشر المهاجرين و الأنصار، قاتلوا على بصيرة من ربكم، و ثبات من دينكم؛ فكأني بكم غدا و لقد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة، فرّت من قسورة [3] ، لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، و اشتروا الضلالة بالهدى و باعوا البصيرة بالعمى و عما قليل ليصبحنّ نادمين، حتى تحلّ بهم الندامة فيطلبون الإقالة، و لات حين مناص. إنه من ضلّ و اللّه عن الحق وقع في الباطل. ألا إن أولياء اللّه استصغروا عمر الدنيا فرفضوها، و استطابوا الآخرة فسعوا لها فاللّه اللّه أيها الناس، قبل أن تبطل الحقوق، و تعطّل الحدود، و يظهر الظالمون، و تقوى كلمة الشيطان؛ فإلى أين تريدون رحمكم اللّه عن ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و صهره و أبي سبطيه، خلق من طينته، و تقرّع من نبعته‌ [4] ، و خصّه بسرّه، و جعله باب مدينته، و أعلم بحبه المسلمين، و أبان ببغضه المنافقين؛ ها هو ذا مفلق الهام، و مكسّر الأصنام؛ صلى


[1] سورة محمد الآية 31.

[2] سورة التوبة الآية 12.

[3] القسورة: الأسود.

[4] النبعة: الأصل و الشجرة.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست