اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 97
أهل ولايتي، حتى أراح اللّه منه العباد، و طهر منه البلاد، بحول اللّه و قوته، لا بحولي و قوتي.
أيها الناس، إن لكم علي ألا أضع حجرا على حجر، و لا لبنة على لبنة، و لا أكري [1] نهرا، و لا أكنز مالا، و لا أعطيته زوجا و لا ولدا، و لا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسدّ فقر ذلك البلد و خصاصة أهله، بما يغنيهم، فإن فضل فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ممن هو أحوج إليه منه. و لا أجمّركم [2]
في ثغوركم فأفتنكم و أفتن أهاليكم، و لا أغلق بابي دونكم فيأكل قويكم ضعيفكم، و لا احمل على أهل جزيتكم ما أجليهم به عن بلادهم و اقطع نسلهم. و لكم عندي أعطياتكم في كل سنة، و أرزاقكم في كل شهر، حتى تستدرّ المعيشة بين المسلمين، فيكون أقصاهم كأدناهم. فإن أنا وفيت فعليكم السمع و الطاعة، و حسن الموازرة و المكانفة [3] ، و إن أنا لم أوف لكم فلكم أن تخلعوني إلا أن تستتيبوني فإن أنا تبت قبلتم مني، و إن عرفتم أحدا يقوم مقامي ممن يعرف بالصلاح، يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيتكم، فأردتم أن تبايعوه فأنا أول من بايعه. و دخل في طاعته.
أيها الناس: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم.
فلما بويع مروان بن محمد نبشه و صلبه. و كانوا يقرؤن في الكتب: «يا مبذر الكنوز، و يا سجادا بالأسحار، كانت ولايتك لهم رحمة، و عليهم حجة، أخذوك فصلبوك» .