اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 98
اتقوا اللّه عباد اللّه، فكم من مؤمّل أملا لا يبلغه، و جامع مالا لا يأكله، و مانع ما سوف يتركه، و لعله من باطل جمعه، و من حق منعه، أصابه حراما، و أورثه، عدوا، فاحتمل أصره [1] ، وباء بوزره، و ورد على به آسفا لاهفا، قد خسر الدنيا و الآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
كلام هلال بن وكيع، و زيد بن جبلة و الأحنف بن قيس عند عمر
بشار بن عبد الحميد، عن أبي ريحانة قال: وفد هلال بن وكيع، و الأحنف بن قيس، و زيد بن جبلة على عمر رحمه اللّه، فقال هلال بن وكيع:
يا أمير المؤمنين، أنّا لباب من خلفنا من قومنا، و غرة من وراءنا من أهل مصرنا، و إنك إن تصرفنا بالزيادة في أعطياتنا، و الفرائض لعيالاتنا، يزد ذلك الشريف منا تأميلا، و تكن لذوي الأحساب أبا وصولا. فإنّا أن نكن مع ما نمتّ به من فضائلك، و ندلي به من أسبابك، كالجدّ [2] الذي لا يحلّ و لا يرحل، نرجع بآنف مصلومة و جدود عائرة. فمحنا [3] و أهالينا بسجل من سجالك المترعة.
و قام زيد بن جبلة فقال: يا أمير المؤمنين، سود الشريف و أكرم الحسيب، و أزرع عندنا من أياديك ما نسد به الخصاصة، و نطرد به الفاقة فإنّا بقف [4] من الأرض، يابس الأكناف مقشعر الذروة، لا شجر فيه و لا زرع.
و إنّا من العرب اليوم إذ أتيناك بمرأى و مسمع.
و قام الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين إن مفاتح الخير بيد اللّه، و الحرص قائد الحرمان. فاتق اللّه فيما لا يغنى عنك يوم القيامة قيلا و لا قالا، و اجعل