اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 35
له. انظروا فإن أنكرتم فأنكروا، و إن عرفتم فآزروا. حق و باطل، و لكل أهل، و لئن أمر الباطل لقديما فعل، و لئن قلّ الحق لربما و لعل. ما أدبر شيء فأقبل. و لئن رجعت عليكم أموركم أنكم لسعداء، و إني لأخشى أن تكونوا في فترة و ما علينا إلا الاجتهاد.
قال أبو عبيدة: و روى فيها جعفر بن محمد:
ألا أن أبرار عترتي، و أطائب أرومتي، أحلم الناس صغارا، و أعلم الناس كبارا. ألا و إنّا أهل بيت من علم اللّه علمنا، و بحكم اللّه حكمنا، و من قول صادق سمعنا. و أن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، و إن لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا. معنا راية الحق، من تبعها لحق، و من تأخر عنها غرق، ألا و إن بنا ترد دبرة [1] كل مؤمن، و بنا تخلع ربقة [2] الذل من أعناقكم، و بنا غنم، و بنا فتح اللّه لا بكم، و بنا يختم لا بكم.
خطبة لعلي بن ابي طالب أيضا (ر) [في الآخرة]
.
أما بعد فإنّ الدنيا قد أدبرت و آذنت بوداع، و إن الآخرة قد أقبلت و أشرفت باطّلاع. و إن المضمار اليوم و السباق غدا. ألا و أنتم في أيام أمل من ورائه أجل، فمن أخلص في أيام أمله قبل حضور أجله فقد نفعه عمله، و لم يضرره أمله و من قصر في أيام أمله قبل حضور أجله، فقد خسر عمله، و ضره أمله.
ألا فاعملوا اللّه في الرغبة، كما تعملون له في الرهبة. ألا و إني لم أر كالجنة نام طالبها، و لا كالنار نام هاربها. ألا و إنه من لم ينفعه الحق يضره الباطل، و من لم يستقم به الهدي يجر به الضلال. ألا و إنكم قد أمرتم بالظعن، و دللتم على الزاد، و إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى و طول الأمل.