responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 2  صفحة : 36

[خطبة علي في الجهاد]

قالوا: أغار سفيان بن عوف الأزدي ثم الغامدي على الأنبار، زمان علي ابن ابي طالب رضي اللّه عنه، و عليها حسان-أو ابن حسان-البكري فقتله، و أزال تلك الخيل عن مسالحها، فخرج علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه حتى جلس على باب السّدة، فحمد اللّه و اثنى عليه و صلّى على نبيه ثم قال:

أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة. فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللّه ثوب الذل، و شمله البلاء، و لزمه الصّغار، و سيم الخسف، و منع النّصف. ألا و إني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا و نهارا، و سرا و إعلانا، و قلت لكم: أغزوهم قبل أن يغزوكم، فو اللّه ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا فتواكلتم و تخاذلتم، و ثقل عليكم قولي و اتخذتموه وراءكم ظهريّا، حتى شنّت عليكم الغارات. هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار، و قتل حسان-أو ابن حسان-البكري، و أزال خيلكم عن مسالحها، و قتل منكم رجالا صالحين. و لقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المسلمة و الأخرى المعاهدة، فينزع حجلها و قلبها و رعاثها [1] ثم انصرفوا وافرين، ما كلم رجل منهم كلما، فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا، ما كان عندي به ملوما، بل كان به عندي جديرا. فيا عجبا من جد هؤلاء القوم في باطلهم، و فشلكم عن حقكم. فقبحا لكم و ترحا، حين صرتم هدفا يرمى، و فيئا ينتهب، يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون، و يعصى اللّه و ترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: حمّارة القيظ، أمهلنا ينسلخ عنا الحرّ و إذا أمرتكم بالسير في البرد قلتم: أمهلنا ينسلخ عنا القرّ. كلّ ذا فرار من الحر و القر. فإذا كنتم من الحر و القر تفرون، فأنتم و اللّه من السيف أفر، يا أشباه الرجال و لا رجال، و يا أحلام الأطفال و عقول ربات الحجال وددت أن اللّه قد أخرجني من بين ظهرانيكم و قبضني إلى رحمته من بينكم. و اللّه لوددت أني لم أركم، و لم أعرفكم. معرفة و اللّه جرّت ندما. قد وريتم صدري غيظا، و جرّعتموني الموت


[1] الحجل: الخلخال. القلب: السوار. الرعاث: القرط.

اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 2  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست