اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 29
و ذم بعض الحكماء رجلا فقال: «يحزم قبل أن يعلم، و يغضب قبل أن يفهم» .
و قال عمر بن الخطاب رحمه اللّه في بعض رسائله إلى قضاته: «الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك» .
و لا يمكن تمام الفهم إلا مع تمام فراغ البال.
و قال مجنون بني عامر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى # فصادف قلبي فارغا فتمكنا
و كتب مالك بن أسماء بن خارجة إلى أخيه عيينة بن أسماء بن خارجة:
أعيين هلاّ إذ شغفت بها # كنت استعنت بفارغ العقل
أقبلت ترجو الغوث من قبلي # و المستغاث إليه في شغل
و قال صالح المري: «سوء الاستماع نفاق» . و قد لا يفهم المستمع إلا بالتفهم، و قد يتفهم أيضا من لا يفهم. و قال الحارث بن حلزة:
و حبست فيها الركب أحدس في # كل الأمور و كنت ذا حدس
و قال النابغة الجعدي:
أبى لي البلاء و أني امرؤ # إذا ما تبينت لم أرتب
و قال آخر:
تحلم عن الأدنين و استبق ودّهم # و لن تستطيع الحلم حتى تحلّما
و المثل السائر على وجه الدهر قولهم: «العلم بالتعلم» .
و إذا كانت البهيمة إذا أحست شيئا من أسباب القانص، أحدت نظرها، و استفرغت قواها في الاسترواح، و جمعت بالها للتسمع-كان الانسان العاقل أولى بالتثبّت، و أحق بالتعرف.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 29