اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 30
و لما اتهم قتيبة بن مسلّم، أبا مجلز لاحق بن حميد، ببعض الأمر، قال له أبو مجلز: «أيها الأمير تثبت، فإن التثبت نصف العفو» .
و قال الاحنف: «تعلمت الحلم من قيس بن عاصم» .
و قال فيروز حصين: «كنت أختلف إلى دار الاستخراج أتعلم الصبر» .
و قال سهل بن هارون: «بلاغة اللسان رفق، و العيّ خرق» . و كان كثيرا ما ينشد قول شتيم بن خويلد:
و لا يشعبون الصّدع بعد تفاقم # و في رفق أيديكم لذي الصدع شاعب
خطبة أبي بكر في الملوك
و قال ابراهيم الانصاري، و هو ابراهيم بن محمد المفلوج، من ولد أبي زيد القارئ: الخلفاء و الأئمة و أمراء المؤمنين ملوك، و ليس كل ملك يكون خليفة و إماما، و لذلك فصل بينهم أبو بكر رحمه اللّه في خطبته، فإنه لما فرغ من الحمد و الصلاة على النبي قال: «ألا أن أشقى الناس في الدنيا و الآخرة الملوك!» . فرفع الناس رءوسهم، فقال: «ما لكم أيها الناس، إنكم لطعانون عجلون. إن من الملوك من إذا ملك زهده اللّه فيما في يديه، و رغبه فيما في يدي غيره، و انتقصه شطر أجله، و أشرب قلبه الاشفاق، فهو يحسد على القليل، و يتسخط الكثير، و يسأم الرخاء، و تنقطع عنه لذة الباءة [1] ، و لا يستعمل العبرة، و لا يسكن إلى الثقة. فهو كالدرهم القسي، و السراب الخادع، جذل الظاهر، حزين الباطن، فإذا وجبت نفسه، و نضب عمره، وضحا ظله [2] ، حاسبه اللّه فأشد حسابه، و أقل عفوه، إلا من آمن باللّه، و حكم بكتابه و سنة نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم. ألا إن الفقراء هم المرحومون ألا و إنكم اليوم على خلافة النبوة، و مفرق المحجة. و إنكم سترون بعدي ملكا عضوضا، و ملكا عنودا [3] ، و أمة شعاعا، و دما مباحا. فإن كانت للباطل نزوة، و لأهل الحق