اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 211
لأرى رءوسا قد أينعت و حان قطافها، و إني لصاحبها، و إني لأنظر إلى الدماء ترقرق بين العمائم و اللحى.
قد شمّرت عن ساقها فشمرا
ثم قال:
هذا أوان الشد فاشتدي زيم # قد لفها الليل بسوّاق حطم
ليس براعي ابل و لا غنم # و لا بجزّار على ظهر وضم
و قال أيضا:
قد لفها الليل بعصلبيّ # أروع خرّاج من الدويّ
مهاجر ليس بأعرابي
إني و اللّه يا أهل العراق، و الشقاق و النفاق، و مساوي الأخلاق، ما أغمز تغماز التين، و لا يقعقع لي بالشنان [1] ، و لقد فررت عن ذكاء [2] و فتشت عن تجربة، و جريت من الغاية. إن أمير المؤمنين كب كنانته ثم عجم عيدانها، فوجدني أمرّها عودا، و أصلبها عمودا، فوجهني إليكم، فإنكم طالما أوضعتم [3] في الفتن، و اضطجعتم في مراقد الضلال، و سننتم سنن الغيّ. أما و اللّه لألحونكم لحو العصا، و لأعصبنكم عصب السلمة [4] ، و لأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون. إني و اللّه لا اعد إلا وفيت، و لا أهمّ إلا أمضيت، و لا أخلق إلا فريت. فإياي و هذه الجماعات و قال و قيل، و ما تقولون؟و فيم انتم و ذاك؟
[1] الشنان: القرب البالية، و كانوا يستحثون بها الابل على السير.
[2] فر: كشف عن أسنانه ليعرف عمره. الذكاء: نهاية الشباب.