اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 212
أما و اللّه لتستقيمنّ على طريق الحق أو لأدعنّ لكل رجل منكم شغلا في جسده. من وجدت بعد ثالثة من بعث المهلب سفكت دمه، و انتهبت ماله.
ثم دخل منزله.
[رسالة الحجاج إلي قطري بن الفجاءة و جوابها]
أبو الحسن قال: كتب الحجاج بن يوسف إلى قطري بن الفجاءة:
«سلام عليك. أما بعد فإنك مرقت من الدين مروق السهم من الرميّة، و قد علمت حيث تجرثمت [1] ، ذاك إنك عاص للّه و لولاة أمره، غير إنك أعرابي جلف أميّ، تستطعم الكسرة و تستشفي بالتّمرة، و الأمور عليك حسرة، خرجت لتنال شبعة فلحق بك طعام صلوا بمثل ما صليت به من العيش، فهم يهزّون الرماح، و يستنشئون الرياح، على خوف و جهد من أمورهم. و ما أصبحوا ينتظرون أعظم مما جهلوا معرفته، ثم أهلكهم اللّه بترحتين. و السلام» .
فأجابه قطريّ:
«من قطري بن الفجاءة إلى الحجاج بن يوسف. سلام على الهداة من الولاة، الذين يرعون حريم اللّه و يرهبون نقمه. فالحمد للّه على ما أظهر من دينه، و أظلع [2] به أهل السّفال، و هدى به من الضّلال، و نصر به، عند استخفافك بحقه. كتبت إلي تذكر إني أعرابي جلف أمي، استطعم الكسرة و استشفي بالتمرة. و لعمري يا ابن أم الحجاج إنك لمتيه في جبلتك [3] ، مطلخم في طريقتك [4] ، واه في وثيقتك، لا تعرف اللّه و لا تجزع من خطيئتك، يئست و استيأست من ربك، فالشيطان قرينك، لا تجاذبه وثاقك، و لا تنازعه خناقك. فالحمد للّه الذي لو شاء أبرز لي صفحتك، و أوضح لي صلعتك. فوالذي نفس قطري بيده، لعرفت أن مقارعة الأبطال، ليس كتصدير