اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 83
و قال سهل بن هارون: العقل رائد الروح، و العلم رائد العقل، و البيان ترجمان العلم.
و قال صاحب المنطق: حد الإنسان: الحي الناطق المبين.
و قالوا: حياة المروءة الصدق، و حياة الروح العفاف، و حياة الحلم العلم، و حياة العلم البيان.
و قال يونس بن حبيب: ليس لعيي مروءة، و لا لمنقوص البيان بهاء، و لو حك بيافوخه أعنان السماء.
و قالوا: شعر الرجل قطعة من كلامه، و ظنه قطعة من علمه، و اختياره قطعة من عقله.
و قال ابن التوأم: الروح عماد البدن، و العلم عماد الروح، و البيان عماد العلم.
قد قلنا في الدلالة باللفظ. فأما الإشارة فباليد، و بالرأس، و بالعين و الحاجب و المنكب، إذا تباعد الشخصان، و بالثوب و بالسيف. و قد يتهدد رافع السيف و السوط، فيكون ذلك زاجرا، و مانعا رادعا، و يكون وعيدا و تحذيرا.
و الإشارة و اللفظ شريكان، و نعم العون هي له، و نعم الترجمان هي عنه. و ما أكثر ما تنوب عن اللفظ، و ما تغني عن الخط. و بعد فهل تعدو الإشارة أن تكون ذات صورة معروفة، و حلية موصوفة، على اختلافها في طبقاتها و دلالاتها. و في الإشارة بالطرف و الحاجب و غير ذلك من الجوارح، مرفق كبير و معونة حاضرة، في أمور يسترها بعض الناس من بعض، و يخفونها من الجليس و غير الجليس. و لو لا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص، و لجهلوا هذا الباب البتة. و لو لا أن تفسير هذه الكلمة يدخل في باب صناعة الكلام لفسرتها لكم. و قد قال الشاعر في دلالات الإشارة:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها # إشارة مذعور و لم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا # و أهلا و سهلا بالحبيب المتيم
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 83