responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 82

و أنور، كان أنفع و أنجع. و الدلالة الظاهرة على المعنى الخفي هو البيان الذي سمعت اللّه عز و جل يمدحه، و يدعو إليه و يحث عليه. بذلك نطق القرآن، و بذلك تفاخرت العرب، و تفاضلت أصناف العجم.

و البيان اسم جامع لكل شي‌ء كشف لك قناع المعنى، و هتك الحجاب دون الضمير، حتى يغضي السامع إلى حقيقته، و يهجم على محصوله كائنا ما كان ذلك البيان، و من أي جنس كان الدليل، لأن مدار الأمر و الغاية التي يجري القائل و السامع، إنما هو الفهم و الأفهام، فبأي شي‌ء بلغت الأفهام و أوضحت عن المعنى، فذلك هو البيان في ذلك الموضع.

ثم اعلم-حفظك اللّه-أن حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، و ممتدة إلى غير نهاية، و أسماء المعاني مقصورة معدودة، و محصلة محدودة.

[أدوات البيان الخمس‌]

و جميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ و غير لفظ، خمسة أشياء لا تنقص و لا تزيد: أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الحال التي تسمى نصبة. و النصبة هي الحال الدالة، التي تقوم مقام تلك الأصناف، و لا تقصر عن تلك الدلالات، و لكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، و حلية مخالفة لحلية أختها، و هي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، ثم عن حقائقها في التفسير، و عن أجناسها و أقدارها، و عن خاصها و عامها، و عن طبقاتها في السار و الضار، و عما يكون منها لغوا بهرجا، و ساقطا مطرحا.

قال أبو عثمان: و كان في الحق أن يكون هذا الباب في أول هذا الكتاب، و لكنا أخّرناه لبعض التدبير.

و قالوا: البيان بصر و العي عمى، كما أن العلم بصر و الجهل عمى.

و البيان من نتاج العلم، و العي من نتاج الجهل.

اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست