اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 84
و قال الآخر:
و للقلب على القلب # دليل حين يلقاه
و في الناس من الناس # مقاييس و أشباه
و في العين غنى للمر # ء أن تنطق أفواه
و قال الآخر في هذا المعنى:
و معشر صيد ذوي تجلّه # ترى عليهم للندى أدلّه
و قال الآخر:
ترى عينها عيني فتعرف وحيها # و تعرف عيني ما به الوحي يرجع
و قال آخر:
و عين الفتى تبدي الذي في ضميره # و تعرف بالنجوى الحديث المعمسا
و قال الآخر:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها # من المحبة أو بغض إذا كانا
و العين تنطق و الأفواه صامته # حتى ترى من ضمير القلب تبيانا
هذا و مبلغ الإشارة أبعد من مبلغ الصوت. فهذا أيضا باب تتقدم فيه الإشارة الصوت.
و الصوت هو آلة اللفظ، و الجوهر الذي يقوم به التقطيع، و به يوجد التأليف. و لن تكون حركات اللسان لفظا و لا كلاما موزونا و لا منثورا إلا بظهور الصوت، و لا تكون الحروف كلاما إلا بالتقطيع و التأليف. و حسن الإشارة باليد و الرأس، من تمام حسن البيان باللسان، مع الذي يكون مع الإشارة من الدل و الشكل [1] و التقتل و التثني [2] ، و استدعاء الشهوة، و غير ذلك من الأمور.