اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 91
فإِذا صَحَّ
ذلك فيَنْبَغِى أَن تَعْلَمَ أَنّ « هذان
» و « هاتان » إِنَّما
هى أَسماءٌ مَوْضُوعةٌ للتَّثْنِيةِ ، مُخْتَرَعةٌ لها. ولَيْسَت تثْنِيَةً
للواحِدِ ، عَلى حَدِّ « زَيْدٍ وزَيْدانِ » إِلا أَنَّها صِيغَتْ عَلَى صُورَةِ
ما هُوَ مُثَنَّى على الحَقِيقَةِ ، فقِيلَ : « هذان
وهاتانِ » لِئَلّا
تَخْتَلِفَ التَّثْنِيَةُ. وذلك أَنَّهم يحافِظُونَ عليها ما لا يُحافِظُونَ على
الجَمْعِ ، أَلا تَرَى أَنّك تَجِدُ فى الأَسماءِ المُتَمكِّنَةِ أَلْفَاظَ
الجُموعِ مِن غَيْرِ أَلْفاظِ الآحادِ ؛ وذلك نحو : رَجُلٍ ونَفَرٍ ، وامْرَأةٍ
ونِسْوَةٍ ، وبعَيرٍ وإِبِلٍ ، وواحِدٍ وجَماعَة ـ ولا تَجِدُ فى التَّثْنِيةِ
شيئًا من هذا ، إِنَّما هىَ من لَفْظِ الواحد ، نحو زَيْد وزَيْدان ، ورَجُل
ورَجُلان ـ لا يَخْتَلِفُ ذلك. وكَذلك أيضًا كَثِيرٌ من المَبْنِيّاتِ ، عَلَى أَنَّها
أَحقُّ بذلِكَ من المُتَمَكِّنَة ؛ وذلك
نحو « ذا » و « أُلاءِ » و « ذَات
» و « أُولى » و «
أُلات » و « ذُو » و « أُلُو » ـ ولا تَجِدُ ذلك فى تَثْنِيَتها ، نحو « ذَا » و « ذَان
» و « ذُو » و « ذَوان
». فهذا يدُلُّكَ
عَلَى مُحافَظَتِهم على التَّثْنِيَة ، وعِنايَتِهم بها. أَعْنِى أَن تَخْرُجَ على
صُورةٍ واحِدةٍ ، لِئَلا تَخْتَلِف ، وأَنَّهم بها أَشَدُّ عِنايةً منهم
بالجَمْعِ. فلذلِك لمّا صِيْغَتْ للتَّثْنِيَة أسماءٌ مُخْتَرَعَةٌ غيرُ مُثَنّاةٍ
على الحَقِيقة كانَت عَلَى أَلْفاظِ المُثَنّاةِ تَثْنِيَة حَقِيقِيَّة ، وذلك « ذان
» و « تان ».
والقَوْلُ فى «
اللَّذانِ » و « اللَّتانِ » كالقَوْلِ فى « ذان » و « تان ».
قالَ ابنُ
جِنِّى : فأَمَّا قَوْلُهم : هذانِ
، وهاتانِ ، و « فذَانِّك » ـ فإِنَّما ثُقِّلَتْ فى هذه المَواضِع ؛ لأَنَّهُم عَوَّضُوا بتَثْقِيلِها من حَرْفٍ
مَحْذُوف. أما فى « هذانِ
» فهى عِوَضٌ من أَلِف
ذَا ، وهى فى « ذانِّك
» عِوضٌ من لامِ ذلِكَ.
وقد يُحْتَملُ
أيضًا أَن تكونَ عِوَضًا من أَلفِ ذلِكَ.
وقالوا : كانَ
من الأَمْرِ ذَيَّهْ وذَيَّهْ ، بتَشْدِيد الياءِ وبالهاءِ ، وذَيْتَ وذَيْتَ
بتَخْفِيفِ الياءِ وإِبدالِ التّاءِ من الياءِ الثانِية ، ولذلِك كُتِبَتْ فى
التَّخفيفِ بالتاء ؛ لأَنّها كانَتْ حِينَئذٍ مُلْحَقةً بدَعْد ، وإِبدالُ التّاءِ
من الياءِ قَلِيلٌ ، إِنّما جاءَ فى قولهم : كَيْتَ وكَيْتَ ، وفى قَوْلِهم :
ثِنْتانِ.
قالَ : والقولُ
فِيهما كالقَوْلِ فى « كَيْتَ وكَيْتَ » وقد تَقَدَّم.
الذال والواو
ذ و
* ذُو : كَلِمَةٌ صِيغَتْ ليُتَوَصَّلَ بِها إلى الوَصْفِ
بالأجْناسِ ، ومعناها : صاحِب. أَصْلُها
ذَوًى. ولِذلك إِذا سَمَّى بها الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ قالا :
هذا ذَوًى قد جاءَ. والتَّثْنِيَةُ : ذَوانِ ، والجَمْعُ : ذَوُون.
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 91