قال ابنُ جِنِّى : قال خالد : إِذًا : لُغَةُ هُذَيْلٍ. وغيرهم يقولُ : « إِذٍ ». قالَ : فيَنْبَغِى أن تكونَ فَتْحَةُ ذالِ « إِذًا » فى هذِه اللُّغَةِ لسُكُونِها ، وسُكُونِ التَّنْوِين. كما أَنَّ من قالَ « إِذٍ » بكَسْرِها ، فقد كَسَرها لسُكُونِها وسُكُونِ التَّنْوِينِ بعدَها. فشَبَّه ذلِك بمِنْ ، فهَرَبَ إِلى الفَتْحةِ اسْتِنكارًا لتَوالِى الكَسْرَتَيْن ، كما كَرِه ذلِك فى مِن الرَّجُلِ ، ونحوِه.
الذال والياء
ذ ا
* ذا ـ إِشارَةٌ إِلى المُذَكَّرِ. يُقالُ : ذَا وذاكَ ، وقَدْ تُزادُ الّلامُ ، فيُقالُ : ذلِكَ.
وقولُه تَعالَى : (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة : ٢]. قالَ الزَّجّاجُ : مَعْناهُ : هذا الكِتابُ.
وقد تَدْخُلُ عَلَى « ذا » ها ، الَّتِى للتَّنْبِيه ، فيُقال : هذا.
قالَ أَبو عَلِىٍّ : وأَصْلُه ذَىْ ، فأَبْدَلُوا ياءَه أَلِفًا ، وإِن كانت ساكِنَةً ، ولَمْ يَقُولوا : ذَىْ ، لِئَلا يُشْبِهَ « كَىْ » و « أَى » ، فأَبْدَلُوا ياءَه أَلِفًا ، ليُلْحَقَ ببابِ « مَتَى » و « إِذا » ، ويَخْرُجَ من شَبَهِ الحَرْفِ بعضَ الخُروج.
وقولُه تَعالَى : (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣]. قال الفَرّاءُ : أَرادَ ياءَ النَّصْبِ ، ثم حَذَفَها ؛ لسُكُونِها وسُكونِ الأَلِفِ قَبْلَها ، ولَيْسَ ذلِك بالقَوِىِّ. وذلِكَ أَنَّ الياءَ هى الطارِئَةُ على الأَلِفِ ، فيجبُ أَن تُحْذَفَ الأَلِفُ لمكانِها.
فأَمَّا ما أَنْشَدَه اللِّحْيانِىُّ عن الكسائِىِّ لجَمِيلٍ من قَوْلِه :
وأَتَى صَواحِبُها فقُلْنَ هَذَا الَّذِى
مَنَح المَوَدَّةَ غيرَنَا وجَفانَا[١]
فإِنَّه أَرادَ « أَذَا الَّذِى؟ » فأَبْدَلَ الهاءَ من الهَمْزَةِ.
وقد اسْتُعْمِلَتْ « ذا » مكانَ الَّذِى ، كقَوْلِه تَعالَى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩]. أَى : مَا الَّذِى يُنْفِقُونَ ، فيمَنْ رَفَع الجَوابَ ؛ فرَفْعُ العَفْو يَدُلُّ عَلَى أَنَّ « ما » مَرْفُوعةٌ بالابْتداءِ ، وذا : خَبَرُها ، ويُنْفِقُونَ : صِلَةُ ذا ، وأَنَّه ليسَ « ما » و « ذا » جميعًا كالشَّىْءِ الواحدِ. هذا الوَجْهُ عند سِيبَوَيْهِ ، وإِن كانَ قد أَجازَ الوَجْهَ الآخَرَ مع الرَّفْعِ.
* وذِى : للمُؤَنَّثِ ، وفِيه لُغاتٌ : ذِى ، وذِهْ ـ الهاء بدل من الياء. الدَّلِيلُ على ذلِكَ قَوْلُهُم ـ فى تَحْقِير « ذَا » : ذَيّا.
* و « ذِى » : إِنَّما هىَ تأنِيثُ « ذا » ومن لَفْظِه. وكما لا تَجِدُ الهاءَ فى المُذَكَّرِ أَصْلاً ،
[١] البيت لجميل بثينة فى ديوانه ص ١٩٦ ؛ ولسان العرب (ذا) ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب (ها).