responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 88

إِذْ زَيْدٌ أَمِيرٌ ، وإمَّا من فِعْلٍ وفاعِلٍ نحو : قُمْتُ إِذ قامَ زَيْدٌ ـ فلما حُذِفَ المُضافُ إِليه « إِذْ » عُوِّضَ منه التَّنْوِين ، فدَخَل ، وهو ساكن ، على الذّالِ ، وهى ساكِنَةٌ ، فكُسِرت الذّالُ لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ ، فَقِيلَ : يَوْمَئِذٍ ، وليست هذِه الكسرةُ فى الذّال كَسْرةَ إِعْرابٍ ، وإِن كانَتْ إِذْ فى مَوضع جَرٍّ بإِضافَةِ ما قبلَها إِليها ـ وإِنَّما الكَسْرَةُ فيها لسُكُونِها ، وسُكونِ التَّنْوِين بعدَها ، [كقولك : صَهٍ ـ بكسرتين فى النكرة] وإِن اختَلَفَت جِهَتا التَّنْوِينِ ، فكانَ فى « إِذْ » عِوضًا من المُضافِ إليهِ ، وفى « صَهٍ » عَلَمًا للتَّنْكِيرِ.

ويَدُلُّ عَلَى أَنَّ الكسرةَ فى ذالِ « إِذٍ » إِنَّما هِى حَرَكةُ الْتِقاءِ الساكِنَيْنِ ـ وهُما هِىَ والتَّنْوِين ـ قولُه : « وأَنْتَ إِذٍ صَحِيحُ ». أَلا تَرَى أَن « إِذٍ » ليسَ قَبْلَها شَىْءٌ مُضافٌ إِليها؟

وأَما قَولُ الأَخْفَشِ : إِنَّه جُرَّ إِذٍ ، لأَنَّه أَرادَ قَبْلَها حينَ ، ثم حَذَفَها ، وبَقِىَ الجَرُّ فِيها ـ وتَقْدِيرُه حِينَئِذٍ ـ فساقِطٌ غيرُ لازِمٍ ، أَلا تَرَى أَنَّ الجَماعةَ قد اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنَ إِذْ ، وكَمْ ، ومَنْ : من الأَسماءِ المَبْنيَّةِ على الوَقْفِ؟

وقولُ الحُصَيْنِ بنِ الحُمامِ :

ما كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ أُمِّىَ عَلَّةٌ

حَتَّى رَأَيْتُ إِذِى نُحازُ ونُقْتَلُ[١]

إِنَّما أرادَ « إِذ نُحازُ ونُقْتَلُ » إِلا أَنَّه لما كان فى التَّذكِيرِ « إِذى » ، وهو يَتَذَكَّرُ إِذْ كانَ كَذا وكَذا ، أَجْرَى الوَصْلَ مُجْرَى الوَقْفِ ، فأَلْحقَ الياءَ فى الوَصْلِ ، فقالَ : « إِذِى ».

وقولُه ـ عَزَّ وجَلَّ ـ (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الزخرف : ٣٩]. قالَ ابنُ جِنِّى : طاوَلْتُ أَبا عَلِىٍّ فى هذا ، وراجَعْتُه عَوْدًا على بَدْءٍ ، فكانَ أَكْثَرَ ما بَرَدَ منه فى اليَدِ ، أَنَّه إِنَّما كانَت الدّارُ الآخِرَةُ تَلِى الدّارَ الدُّنْيا ، لا فاصِلَ بَيْنَهُما ، إِنّما هِى هذِه فهذِه ، صارَ ما يَقَعُ فى الآخِرَةِ كأَنَّه وَقَعَ فى الدُّنْيا ، فلذلكَ أُجْرِىَ اليومُ ـ وهو للآخِرَةِ ـ مُجْرَى وَقْتِ الظُّلْمِ ، وهو قَوْلُه : (إِذْ ظَلَمْتُمْ). ووقتُ الظُّلمِ إِنَّما هو الدُّنْيا. فإِن لَمْ تَفْعَلْ هذا وتَرْتَكِبْه بقِىَ (إِذْ ظَلَمْتُمْ) غيرَ مُتَعَلِّقٍ بشَىْءٍ ، فيَصِير ما قالَه أَبُو عَلِىٍّ إِلى أَنَّه كأَنَّه أَبْدَلَ (إِذْ ظَلَمْتُمْ) من (الْيَوْمَ) ، أو كَرَّرَه عليهِ.

وقَوْلُ أَبى ذُؤَيْبٍ :

تَواعَدْنَا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْه

ولَمْ تَشْعُرْ إِذَنْ أَنِّى خَلِيفُ[٢]


[١] البيت للحصين بن الحمام فى لسان العرب (أذذ).

[٢]البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ١٨٣ ؛ ولسان العرب (أذذ) ، (خلف) ؛ والمخصص (٥ / ١٢٣ ، ١٠ / ١٠٧) ؛ وتاج العروس (خلف).

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست