responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 596

لَوْ أَنَّ قائلاً قال : إيَّاكَ نَفْسِكَ ـ لَمْ أُعنِّفْهُ لأنَّ هذه الكافَ مجرورَةٌ. وحكى ابنُ كَيْسَانَ قالَ : قالَ بعضُ النَّحْوِيينَ : إِيَّاك بكمالِها اسمٌ ، قال : وقالَ بعضُهُم : الياءُ والكافُ والهاءُ هى أسماءٌ وإِيَّا عِمادٌ لها ؛ لأنَّها لا تَقُومُ بأنفُسِها ، قال : وقالَ بعضُهُم : إِيَّا : اسمٌ مُبْهَمٌ يُكْنَى به عن المَنصُوبِ ، وجُعِلَتِ الكافُ والهاءُ والياءُ بَيَانًا عن المَقْصُودِ ؛ لِيُعْلَمَ المُخَاطَبُ من الغائِبِ ، ولا مَوْضِعَ لها من الإعرابِ كالكافِ فى ذلكَ وأَرَأَيتَكَ ، وهذا هو مَذْهَبُ أبى الحَسَنِ الأَخْفَشِ ، وقال أبو إِسْحاقَ الزَّجَّاجُ : الكافُ فى إِيَّاكَ فى موَضِع جَرٍّ بإضافَةِ إِيَّا إِلَيْها ، إلا أنه ظاهِرٌ يُضافُ إلى سائِر المُضْمَراتِ ، ولو قُلْتَ : إِيَّا زَيْدٍ حَدَّثْتُ ـ لكانَ قبيحًا ؛ لأنه خُصَّ به المُضْمَرُ ، وحكى ما رواهُ الخَليلُ مِنْ : إِيَّاهُ وإِيَّا الشَّوابِّ ، قال ابنُ جِنِّى : وتأمَّلْنَا هذه الأقوالَ على اختِلافِها والاعتِلالِ لِكُلِّ قولٍ منها ـ فلم نَجِدْ فيها ما يَصِحُّ مع الفَحْصِ والتَّنقِيرِ غيرَ قولِ أبى الحَسَنِ الأَخْفَشِ ، أما قولُ الخَليلِ : إِنَ إِيَّا اسمٌ مُضمَرٌ مضافٌ فظاهِرُ الفسادِ ؛ وذلك أنه إذا ثَبَتَ أنه مُضْمَرٌ لم تَجُزْ إضافَتُه على وَجْهٍ من الوُجُوهِ ؛ لأنَّ الغَرَضَ فى الإضافةِ إنما هو التَّعِريفُ والتَّخْصِيصُ ، والمُضْمَرُ على نهايَةِ الاختِصاصِ ، فلا حاجةَ بهِ إلى الإضافةِ ، وأما قولُ من قالَ : إن (إيَّا) بِكَمَالِهَا اسمٌ ـ فليسَ بِقَوِىٍّ ؛ وذلك أن إِيَّاكَ فى أنَّ فَتْحَةَ الكافِ تُفيدُ الخطابَ المُذَكَّرَ ، وكَسْرَةَ الكافِ تُفيدُ الخطابَ المُؤَنَّثَ بمنزلَةِ أَنْتَ فى أن الاسمَ هو الهَمْزَةُ والنُّونُ ، والتَّاءُ المفتوحَةُ تُفيدُ الخِطابَ المُذَكَّرَ ، والتَّاءُ المكسورَةُ تفيدُ الخطابَ المؤنَّثَ ، فكما أن ما قَبْلَ التاءِ فى أَنتَ هو الاسمُ ، والتاءُ حَرْفُ الخطابِ ، فكذلك إِيَّا اسمٌ والكافُ بعدها حَرْفُ خِطابٍ ، وأما مَنْ قالَ : إن الكافَ والهاءَ والياءَ فى إيَّاكَ وإِيَّاهُ وإِيَّاىَ هى الأسماءُ ، وإِنَّ (إِيَّا) إنما عَمَدت [١] بها هذهِ الأسماءُ لقلَّتها ـ فغيرُ مَرْضِىٍّ أَيْضًا ؛ وذلك أن إِيَّا فى أنها ضميرٌ مُنْفَصِلٌ بمنزلَةِ : أَنَا ، وأَنْتَ ، ونَحْنُ ، وهوَ ، وهىَ ، فى أن هذهِ مُضْمَراتٌ مُنْفَصِلَةٌ ، وكما أن : أَنَا وأَنتَ ونَحْوَهُما تخالِفُ لَفْظَ المَرْفُوعِ المُتَّصِلِ ، نَحْوَ : التَّاءِ فى : قُمْتُ ، والنُّونِ والأَلِفِ فى : قُمْنَا ، والأَلِفِ فى : قَامَا ، والوَاوِ فى : قَامُوا ، بِلْ هى ألفاظٌ أُخَرُ غيرُ أَلْفَاظِ الضَّمِيرِ المُتَّصِلِ ، وليس شَىءٌ منها مَعْمُودًا به غيرُهُ ، وكما أن التاءَ فى : أَنْتَ ، وإِن كانَتْ بِلَفْظِ التاءِ فى قُمْتَ ، ولَيْسَتِ اسمًا مِثلَها ، بل الاسمُ قبلها هو أَنْ والتاءُ بعده للخطابِ ، وليست (أنا) عِمَادًا للتاءِ ـ فكذلك (إِيَّا) هى الاسمُ ، وما بعدَها يُفيدُ الخِطابَ تارةً والغَيْبَةً أُخْرَى ، والمُتَكَلِّمَ أُخْرَى ، وهو حَرْفُ خِطابٍ ، كما أن التاءَ فى (أَنْتَ)


[١] فى اللسان (أيا) : (عُمِدَتْ).

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 596
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست