اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 597
حَرْفٌ غَيرُ مَعْمُودٍ بالهَمْزَةِ والنُّونِ من قَبْلها بل ما قَبْلَها
هو الاسمُ ، وهى حَرْفُ خطابٍ ، فكذلك ما قَبْلَ الكاف فى إِيَّاكَ اسمٌ ، والكافُ حَرْفُ خِطابٍ ، فهذا هو مَحْضُ القِياسِ
، وأما قولُ أبى إِسحَاقَ : إِن (إِيَّا) اسمٌ مُظْهَرٌ خُصَّ بالإضافةِ إلى المُضْمَرِ ـ ففاسِدٌ
أيضًا ، وليس (إِيَّا) بمُظْهَرٍ كما زَعَمَ ، والدليلُ على أن (إِيَّا) ليس باسمٍ مُظهَرٍ اقتصارُهُم بهِ على ضَرْبٍ واحدٍ من
الإِعرابِ وهو النَّصْبُ ، كما اقْتَصَرُوا بأنَا وأَنتَ ونَحْوِهما على ضَرْبٍ
واحدٍ من الإِعرابِ وهو الرفعُ ، فكما أنَّ : أَنَا ، وأَنْتَ ، وهو ، ونَحْنُ ،
وما أَشْبَهَ ذلك أسماءٌ مُضْمَرةٌ ، فكذلك (إِيَّا) اسمٌ مُضْمَرٌ ؛ لاقتصارِهِم به على ضَرْبٍ واحدٍ من
الإِعرابِ وهو النَّصْبُ ، ولم نَعْلَمِ اسْمًا مُظْهَرًا اقتُصِرَ به على
النَّصْبِ البتَّةَ ، إلا ما اقتُصِرَ به من الأسماءِ على الظَّرفيَّةِ ، وذلك نحو
: ذاتَ مَرَّةٍ ، وبُعَيْدَاتِ بَيْنٍ ، وذا صَبَاحٍ ، وما جَرَى مَجْرَاهُنَّ ،
وشَيئًا من المصادِرِ نَحْوَ : (سُبْحانَ اللهِ) ، و (مَعاذَ اللهِ) ، ولَبَّيْكَ ، ولَيْسَ (إِيَّا) ظَرْفًا ولا مَصْدَرًا فَيَلْحَقَ بهذه الأسماءِ ، فقد
صَحَّ إِذَنْ بما أَوْرَدْناهُ سُقُوطُ هذِه الأقوالِ ، ولم يَبْقَ هنا قولٌ يجِبُ
اعتِقَادُهُ ويَلْزَمُ الدُخُولُ تَحْتَهُ إلا قولُ أبى الحَسَنِ : من أَنَّ (إِيَّا) اسمٌ مُضْمَرٌ ، وأن الكافَ بعده لَيْسَتْ باسمٍ ،
وإنما هى للخِطابِ بمنزِلَةِ كافِ (ذَلِكَ) وأَرَأَيتَكَ وأُبْصِرْكَ زَيْدًا
ولَيْسَكَ عَمْرًا والنجاك [١].
قال ابنُ
جِنِّى : وسُئِل أبو إِسحَاقَ عن مَعْنى قولِه ـ عَزَّ وجَلَّ ـ : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] ما تَأْوِيلُهُ؟ فقال : تَأْوِيلُهُ : حَقِيقَتَكَ نَعْبُدُ
، قالَ : واشتِقَاقُهُ مِنَ الآيَةِ التى هى العَلامةُ ، قال ابنُ جِنّى : وهذا القولُ من
أبى إِسحَاقَ عِندى غَيرُ مَرْضِىٍّ ؛ وذلك أنَّ جميعَ الأسماءِ المُضْمَرة
مَبْنِىٌّ غيرُ مُشْتَقٍّ نحو : أَنَا وهىَ وهوَ ، وقد قامَتِ الدِّلَالَةُ على
كوْنِه اسْمًا مُضْمرًا فيجبُ أن لا يكونَ مُشْتَقّا.
* وأَيَا : حَرْفُ نِداءٍ ، وتُبْدَلُ الهاءُ من الهَمْزَةِ
فيقالُ : هَيَا ، قال :
قال ابنُ
السِّكِّيتِ : يُريُد
أَيَا أَبَهْ ، ثم
أَبْدَلَ الهَمْزَةَ هاءً ، وهذا صَحِيحٌ ؛ لأن أَيَا فى النِّدَاءِ أَكْثَرُ من هَيَا.
[١] تحتمل فى الأصل
المخطوط : النجأك أو النجآك ، والمثبت من اللسان (أيا). قال ابن منظور فى اللسان (نجا)
: « وقالوا : النجاك ، فأدخلوا الكاف للتخصيص بالخطاب ، ولا موضع لها من الإعراب ،
لأن الألف واللام معاقبة للإضافة ، فثبت أنها ككاف ذلك وأريتك زيدًا أبو من هو ».
[٢] الرجز للأغلب
العجلى فى ديوانه ص ١٤٩ وله أو لامرأة من بنى سعد يقال لها الحجفاء بنت علقمة فى
فضل المقال ص ٢١٨ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١٧٦ ، وتاج العروس (أبى).
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 597