فلو كان
بِمَنْزِلةِ على لَقُلْتَ فَلَبَّى
يَدَىْ لأنك تقول على
زيدٍ إذا أظهرت الاسمَ ؛ قال ابن جِنِّى : الألِفُ فى لَبَّى عند بَعْضِهم هى ياءُ التَّثْنِيَةِ فى لبَّيْكَ ، لأنه اشْتَقَّ من الاسمِ المثَنَّى [٢] الذى هو
الصوتُ مع حرف التَّثْنِيَةِ فِعْلاً ، فجموعه من حُروفِهِ كما قالوا مِنْ لا إِله
إِلّا اللهُ : هَلَّلْتُ ، ونَحوُ ذلكَ ؛ فاشْتَقُّوا لَبَّيْتُ من لفظِ
لَبَّيْكَ ، فجاءوا فى
لفظِ لَبَّيْتُ بالياءِ التى للتَّثْنِيَةِ فى لَبَّيْكَ ، وهذا قول سيبويه.
وأمَّا يونسُ
فَزَعَمَ أن لَبَّيْكَ اسمٌ مُفْرَدٌ ، وأصلُه عِنْدَه لَبَّبٌ وَزْنُه فَعْلَلٌ ، قال : ولا يجوز أن تَحْمِلَهُ على
فَعَّلٍ لِقلَّةِ فَعَّلٍ فى الكلام وكثرِة فَعْلَلٍ ، فقَلَبَ الباءَ التى هى اللَّامُ الثانيةُ من لَبَّبٍ ، ياءً ، هربا من التَّضْعيفِ ، فصار لَبَّىْ ؛ ثُمَّ أبْدَلَ الياءَ ألفًا لِتَحرُّكها وانفتاحِ ما
قبلها فصار لَبَّىْ ، ثمَّ إنَّه لمَّا وُصِلَتْ بالكافِ فى لَبَّيْكَ وبالهاء فى لَبَّيْهِ
قلبتِ الألفُ ياءً كما
قُلِبَتْ فى : [إِلَى][٣] وَعَلَى وَلَدَى ، إذا وَصَلْتَها بالضَّميرِ ، فقلتَ :
إِلَيكَ وعليكَ ولدَيْكَ ، واحْتجَّ سيبويه على يونسَ فقال : لو كانت ياءُ لبيكَ بمنزلة ياءِ عليكَ ولَدَيْكَ لَوَجَبَ متى أَضَفْتَها
إلى المُظْهَرِ أن تُقِرَّها أَلِفًا ، كما أنَّك إذا أَضَفْتَ (عليك) وأُخْتَيْها
إلى المُظْهَرِ أَقْرَرْتَ أَلِفَها بِحالِها ، ولَكُنْتَ تقولُ : على هذا لَبَّا زَيْدٍ ولَبَّا جَعْفَرٍ ، كما تقولُ : إلى زَيْدٍ وعلى عمرو وَلَدَى
خالدٍ ، وأنشدَ قولُه :
*فَلَبَّىْ يَدَىْ مِسْوَرٍ*
قال : فقوْلُه
: لَبَّىْ ـ بالياء ـ مع إضافَتِهِ إلى المُظْهَرِ يَدُلُّ على أنه
اسمٌ مُثَنّى بِمَنْزِلَةِ غُلامَىْ زَيْدٍ.
* وَلبَّاهُ قال : لَبَّيْكَ
، ولَبَّى بالحَجِّ كذلك ، وقول المُضَرِّبِ بنِ كَعْبٍ :