فإنما أراد :
يا بنة عبد الله ومالكِ وذى الجدَّينِ لأنّها واحدةٌ ، ألا تراه يقول : صنعتِ ،
ولم يقل : صنعتُنَّ ، فإذا جاز هذا فى المضاف والمضاف إليه كان فى الصلّة والموصول
أسوغَ ؛ لأن اتصال الصلّة بالموصول أشدُّ من اتصال المضاف إليه بالمضاف ، وعلى هذا
قول الأعرابى ، وقد سأله أبو الحسن الأخفش عن قول الشاعر :
قال أبو الحسن
الأخفش : كأنه يريد الكلام الذى فى آخر البيت قلّ أو كثر ، فكذلك أيضًا تجعل ما ترى ، ما
ترى (ما وترى)
جميعًا القافية ، وتجعل (ما) مرة مصدرا وأخرى بمنزلة الذى ، فلا يكون فى الأبيات
إيطاء.
وتلخيص ذلك :
أن يكون تقديرها : أما ترانى رجلاً كرؤيتك أحمل فوقى بزتى كمرئيِّك على قلوصٍ صعبة
، كعلمك. أخاف أن تطرحنى ، كمعلومك ، فما
ترى فيما ترى.
كمعتقدك ،
فيكون ما ترى مرّة رؤية العين ، ومرّة مرئيّا ومرة علمًا ، ومرَّة
معلومًا ، ومرّة معتقدًا ، فلما اختلفت المعانى التى وقعت عليها (ما) واتصلت ترى (بما) فكانت جُزءًا منها لاحقًا بها صارت القافية (ما) و
(ترى) جميعًا. كما صارت فى قوله : [خذ الليل][٣] هى (خدّ الليل)
جميعًا لا الليل وحده. فهذا قياسٌ من القوّة بحيث تراه.
فإن قلت : فما
رَوِىّ هذه الأبيات؟
قيل : يجوز أن
يكون رَوِيُّها الألف ، فتكون مقصورة يجوز معها سعى وأى ؛ لأن الألف لام الفعل
كألف سعا وسلا ، والوجه عندى أن تكون رائيَّةً لأمرين :
أحدهما : أنها
قد التُزِمت. ومن غالب عادة العرب ألا تلتزم أمرًا إلا مع وجوبه ، وإن
[١]لحاتم الطائى فى
ديوانه ص ٢٩٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٨٥ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (رأى).
[٢] الرجز لأبى
ميمون النضر بن سلمة فى لسان العرب (نقا) ، (خدد) ، (ليل) ، (رأى).
[٣] ليست فى المخطوط
، وأثبتناها من اللسان : (رأى).
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 345