اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 86
مفعول البتّة ؛ كقولك في «ضرب زيد عمرا ، وأكرم بكر بشرا : (ضرب عمرو ،
وأكرم بشر)» [١] وإن كان يتعدّى إلى مفعولين ، صار يتعدّى إلى مفعول
واحد ؛ كقولك في : «أعطيت زيدا درهما ، وظننت عمرا قائما : أعطي زيد درهما ، وظنّ
عمرو قائما» ولو قلت : «ظنّ قائم عمرا» ؛ جاز [٢] ؛ لزوال اللّبس ، ولو قلت في : «ظننت زيدا أباك ؛ ظنّ
أبوك زيدا» لم يجز ، وذلك ؛ لأنّ قولك : ظننت زيدا أباك يؤذن بأن زيدا معلوم ،
والأبوّة مظنونة ، فلو أقيم الأب مقام الفاعل ؛ لانعكس المعنى ، فصارت الأبوّة
معلومة ، وزيد مظنونا ، وذلك لا يجوز ، وكذلك تقول : «أعطي زيد درهما ، وأعطي درهم
زيدا» فيكون جائزا ؛ لعدم الالتباس ، فلو قلت في «أعطيت زيدا غلاما : أعطي غلام
زيدا» لم يجز ؛ لأنّ كلّ واحد منهما يصحّ أن يكون هو الآخذ ، فلو أقيم غلام مقام
الفاعل ، لم يعلم الآخذ من المأخوذ ، ؛ فلهذا ، كان ممتنعا ؛ وكذلك ، إن كان الفعل
يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين ، صار يتعدّى إلى مفعولين كقولك في : «أعلم الله زيدا
عمرا خير النّاس» : «أعلم زيد عمرا خير النّاس» [٣] : لقيام المفعول الأوّل مقام الفاعل ، وكان هو الأولى ؛
لأنّه فاعل في المعنى ؛ فدلّ على أنّ المفعول ـ ههنا ـ أقيم مقام الفاعل. وإذا كان
الأمر على هذا ، فبناء الفعل للمفعول به ، نقيض [٤] نقله بالهمزة ، والتّضعيف ، وحرف الجرّ ، ألا ترى أنّ
الفعل إذا كان يتعدّى إلى مفعول واحد ، صار يتعدّى بها إلى مفعولين ، وإذا كان
يتعدّى إلى مفعولين ، صار يتعدّى بها إلى ثلاثة مفعولين ، وذلك ؛ لأنّ بناء الفعل
للمفعول به ، يجعل المفعول فاعلا ، والنّقل بالهمزة ، والتّضعيف ، وحرف الجرّ ،
يجعل الفاعل مفعولا ، وإذا ثبت هذا ، فلا بدّ أن تزيد بنقله بالهمزة ، والتّضعيف ،
وحرف الجرّ مفعولا ، وتنقص ببنائه [٥] للمفعول مفعولا.
[وجوب تغيير الفعل عند بنائه للمجهول وعلّة ذلك]
فإن قيل : فلم
وجب تغيير الفعل إذا بني للمفعول؟ قيل : لأنّ المفعول ، يصحّ أن يكون هو الفاعل ،
فلو لم يغيّر الفعل ، لم يعلم هل هو الفاعل بالحقيقة ، أو [٦] قائم مقامه؟