اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 87
فإن قيل : فلم ضمّوا الأوّل ، وكسروا الثّاني ؛ نحو : «ضرب زيد» وما أشبه
ذلك؟ قيل : إنّما ضمّوا الأوّل ؛ ليكون دلالة على المحذوف الذي هو الفاعل إذ [١] كان من علاماته ، وإنّما كسروا الثّاني ؛ لأنّهم لمّا
حذفوا الفاعل الذي لا يجوز حذفه ، أرادوا أن يصوغوه على بناء لا يشركه فيه شيء من
الأبنية ، فبنوه على هذه الصّيغة ، فكسروا الثّاني ؛ لأنّهم لو ضمّوه ؛ لكان على
وزن : طنب [٢] ، وجمل [٣] ، ولو فتحوه ؛ لكان على وزن : نغر [٤] وصرد [٥] ، ولو أسكنوه ؛ لكان على وزن : قلب [٦] وقفل ، فلم يبق إلّا الكسر ؛ فحرّكوه به.
فإن قيل : فلم
كسروا أوّل المعتل ؛ نحو : قيل ، وبيع ، ولم يضمّوه كالصّحيح؟ قيل : كان القياس
يقتضي أن يجرى المعتلّ مجرى الصّحيح في ضمّ أوّله ، وكسر ثانية ، إلّا أنّهم
استثقلوا الكسرة على حرف العلّة ، فنقلوها إلى القاف ، فانقلبت الواو ياء ؛
لسكونها وانكسار ما قبلها ، كما قلبوها في : ميعاد ، وميقات ، وميزان ؛ وأصلها :
موعاد ، وموقات ، وموزان ؛ لأنّها من الوعد ، والوقت ، الوزن ، وأمّا الياء ،
فثبتت ؛ لانكسار ما قبلها ؛ على أنّه من العرب من يشير إلى الضّمّ تنبيها على أنّ
الأصل في هذا النّحو ، هو الضّمّ ، ومن العرب ـ أيضا ـ من يحذف الكسرة ، ولا
ينقلها ، ويقرّ الواو ؛ لانضمام ما قبلها ، وتقلب الياء واوا ؛ لسكونها وانضمام ما
قبلها ؛ كما قال الشّاعر [٧] : [الرّجز]
[٧]الشّاعر : رؤبة
بن العجّاج الرّجّاز المشهور. كان من أفصح الرّجّاز في عصره ؛ وكان العلماء يحتجّون
بشعره ولغته ؛ قال الخليل بن أحمد الفراهيدي يوم موته : «دفنّا اللّغة ، والشّعر ،
والفصاحة». مات سنة ١٤٥ ه. الشّعر والشّعراء ٢ / ٥٩٤.
موطن الشّاهد : (بوع) وجه الاستشهاد :
وقوع «بوع» على لغة بعض العرب والمشهور فيها : بيع.
اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 87