اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 168
[علّة بناء الأعداد المركّبة على الفتح]
فإن قيل : فلم
بني ما زاد على العشرة ، من أحد عشر إلى تسعة عشر؟
قيل : لأنّ
الأصل في «أحد عشر : أحد وعشر» فلمّا حذف حرف العطف وهو الواو [١] ، ضمّنا معنى حرف العطف ، فلمّا تضمّنا معنى الحرف ؛
وجب أن يبنيا ، وبنيا على حركة ؛ لأنّ لهما حالة تمكّن قبل البناء ، وكان الفتح
أولى ؛ لأنّه أخفّ الحركات ؛ وكذلك سائرها.
[علّة عدم بناء اثنين في اثني عشر]
فإن قيل : فلم
لم يبنوا اثنين في «اثني عشر»؟ قيل : لوجهين :
أحدهما : أنّ
علم التّثنية فيه ، هو علم الإعراب ، فلو نزعوا منه الإعراب ؛ لسقط معنى التّثنية.
والثّاني : أنّ
إعرابه في وسطه ، وفي حال التّركيب ، لم يخرج عن ذلك ؛ فوجب أن يبقى على ما كان
عليه. وبني «عشر» لوجهين :
أحدهما : أن
يكون بني على قياس أخواته ؛ لتضمّنه معنى حرف العطف.
والثّاني : أن
يكون بني ؛ لأنّه قام مقام النّون من «اثنين» فلمّا قام مقام الحرف ؛ وجب أن يبنى
، وليس هو كالمضاف ، والمضاف إليه ؛ لأنّ كلّ واحد من المضاف والمضاف إليه ، له
حكم في نفسه ، بخلاف «اثني عشر» ألا ترى أنّك إذا قلت : «ضربت اثني عشر رجلا» كان
الضّرب واقعا بالعشر والاثنين ، كما لو قلت : «ضربت اثنين» ولو قلت : «ضربت غلام
زيد» لكان الضّرب واقعا بالغلام دون زيد؟ فلهذا ، قلنا : إنّ العشر قام مقام
النّون ، وخالف المضاف إليه.
[علّة حذف الواو من الأعداد المركّبة]
فإن قيل : فلم
حذفت الواو من أحد عشر إلى تسعة عشر وجعل الاسمان اسما واحدا؟ قيل : إنّما فعلوا
ذلك حملا على العشرة وما قبلها من الآحاد ؛ لقربها منها ؛ لتكون على لفظ الأعداد
المفردة ، وإن كان الأصل هو العطف ، والذي يدلّ على ذلك أنّهم إذا بلغوا / إلى / [٢] العشرين ردّوها إلى العطف ؛ لأنّه الأصل ، وإنّما
ردّوها إذا بلغوا إلى العشرين ؛ لبعدها عن الآحاد.