اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 169
[علّة عدم اشتقاقهم من لفظ الاثنين]
فإن قيل :
فهلّا اشتقّوا من لفظ الاثنين كما اشتقّوا من لفظ الثّلاثة والأربعة ؛ نحو : «الثّلاثين
والأربعين»؟ قيل : لأنّهم لو اشتقّوا من لفظ الاثنين لما كان يتمّ معناه إلّا
بزيادة واو ونون ، أو ياء ونون ، وكان يؤدّي إلى أن يكون له إعرابان ، وذلك لا
يجوز ، فلم يبق من الآحاد شيء يشتقّ منه إلّا العشرة ، فاشتقّوا من لفظها عددا /
عوضا / [١] عن اشتقاقهم من لفظ الاثنين ؛ فقالوا : «عشرون».
[علّة كسر العين من عشرين]
فإن قيل : فلم
كسروا العين من «عشرين»؟ قيل : لأنّه لمّا كان الأصل أن يشتقّ من لفظ الاثنين ،
وأوّل الاثنين مكسور ، كسروا أوّل العشرين ليدلّوا بالكسر على الأصل.
[علّة كون تمييز الأعداد من أحد عشر إلى تسعة وتسعين مفردا نكرة منصوبة]
فإن قيل : فلم
وجب أن يكون ما بعد أحد عشر إلى تسعة وتسعين واحدا نكرة منصوبة؟ قيل : إنّما كان
واحدا نكرة ؛ لأنّ المقصود من ذكر النّوع تبيين المعدود من أيّ نوع هو ، وهذا يحصل
بالواحد النّكرة ، (وكان الواحد النّكرة) [٢] أولى من الواحد المعرفة ؛ لأنّ الواحد النّكرة أخفّ من
الواحد المعرفة ، ولا يلزم فيه ما يلزم في العدد الذي يضاف إلى ما بعده ، / و/ [٣] لأنّه ليس بمضاف ، فيتوهّم أنّه جزء ممّا بيّنته ، كما
يلزم بالمضاف [٤] ؛ فلذلك ، وجب أن يكون واحدا نكرة. وإنّما وجب أن يكون
منصوبا ؛ لأنّه من أحد عشر إلى تسعة عشر ؛ أصله التّنوين ، وإنّما حذف للبناء ،
وكأنّه [٥] موجود في اللّفظ ؛ لأنّه لم يقم مقامه شيء يبطل حكمه ،
فكان باقيا في الحكم ، فمنع من الإضافة.
وأمّا العشرون
إلى التّسعين ، ففيه النّون موجودة ، فمنعت من الإضافة ، وانتصب على التّمييز على
ما بيّنّاه في بابه.