اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 167
الباب الثّالث والثّلاثون
باب العدد
[علّة دخول الهاء على العدد المذكّر]
إن قال قائل :
لم أدخلت الهاء من الثّلاثة إلى العشرة في المذكّر ؛ نحو :«خمسة رجال» ولم تدخل في
المؤنّث ؛ نحو : «خمس نسوة»؟ قيل : إنّما فعلوا ذلك للفرق بينهما. فإن قيل : فهلّا
عكسوا ، وكان الفرق حاصلا [١]؟ قيل :لأربعة أوجه :
الوجه الأوّل :
أنّ الأصل في العدد أن يكون مؤنّثا ، والأصل في المؤنّث أن يكون بالهاء ، والمذكّر
هو الأصل ، فأخذ الأصل الهاء ؛ فبقي المؤنّث بغير هاء.
والوجه الثّاني
: أنّ المذكّر أخفّ من المؤنّث ، فلمّا كان المذكّر أخفّ من المؤنّث ، احتمل
الزّيادة ، والمؤنّث لمّا كان أثقل ، لم يحتمل الزّيادة.
والوجه الثّالث
: أنّ «الهاء» زيدت للمبالغة ، كما زيدت في : «علّامة ، ونسّابة» والمذكّر أفضل من
المؤنّث ، فكان أولى بزيادتها.
والوجه الرّابع
: أنّهم لمّا كانوا يجمعون ما كان على مثال «فعال» في المذكّر بالهاء ؛ نحو : «غراب
وأغربة» ويجمعون ما كان على هذا المثال في المؤنّث بغير هاء ؛ نحو : «عقاب وأعقب»
حملوا العدد على الجمع ؛ فأدخلوا الهاء في المذكّر ، وأسقطوها في [٢] المؤنّث ، وكذلك حكمها بعد التّركيب / إلى العشرة / [٣] ، إلّا العشرة فإنّها تتغيّر ؛ لأنّها تكون في حال
التّركيب في المذكّر بغير هاء ، والمؤنّث بالهاء ؛ لأنّهم لمّا ركّبوا الآحاد مع
العشرة ، صارت [٤] معها بمنزلة اسم واحد ؛ كرهوا أن يثبتوا الهاء في
العشرة ، لئلّا يصير بمنزلة الجمع بين تأنيثين في اسم واحد على لفظ واحد.