اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 166
عشر إلى تسعة وتسعين ، وهو ينصب ما بعده ؛ فلهذا ، كان ما بعدها [١] في الاستفهام منصوبا ؛ وأمّا في الخبر فلا تكون إلّا
للتّكثير ، فجعلت بمنزلة العدد الكثير ، وهو يجرّ ما بعده ؛ ولهذا [٢] ، كان ما بعدها مجرورا في الخبر ، لأنّها نقيضة «ربّ» و
«ربّ» تجرّ ما بعدها ، وكذلك [٣] ما حمل عليها.
[جواز النّصب مع الفصل في الخبر وعلّة ذلك]
فإن قيل : فلم
جاز النّصب مع الفصل في الخبر؟ قيل : إنّما جاز النّصب عدولا عن الفصل بين الجارّ
والمجرور ؛ لأنّ الجارّ والمجرور بمنزلة الشّيء الواحد ، وليس النّاصب مع المنصوب
بمنزلة الشّيء الواحد ، على أنّ بعض العرب ينصب بها في الخبر من غير فصل ، ويجرّ
بها في الاستفهام حملا لإحداهما [٤] على الأخرى.
فإن قيل : فلم
إذا كانت استفهاميّة ، لم تبيّن إلّا بالمفرد النّكرة ، وإذا كانت خبريّة جاز أن
تبيّن بالمفرد والجمع؟ قيل : لأنّها إذا كانت استفهاميّة ، حملت على عدد ينصب ما
بعده ، وذلك لا يبيّن إلّا بالمفرد النّكرة ؛ نحو : أحد عشر رجلا ، وتسع وتسعون
جارية ؛ فلذلك ، لم يجز أن تبيّن إلّا بالمفرد النّكرة ، وإذا كانت خبريّة ، حملت
على عدد يجرّ ما بعده ، والعدد الذي يجرّ ما بعده ، يجوز أن يبيّن بالمفرد /
والنّكرة / [٥] ك «مائة درهم» وبالجمع ك «ثلاثة أثواب» فلهذا ، جاز أن
يتبيّن بالمفرد والجمع ، وأمّا اختصاصهما بالتّنكير فيهما جميعا ؛ فلأنّ «كم» لمّا
كانت للتّكثير ، والتّكثير والتّقليل لا يصحّ إلّا في النّكرة لا في المعرفة ؛
لأنّ المعرفة تدلّ على شيء مختصّ ، فلا يصحّ فيه التّقليل ، ولا التّكثير ؛ ولهذا
، كانت «ربّ» تختصّ بالنّكرة ؛ لأنّها لمّا كانت للتّقليل ، والتّقليل إنّما يصحّ
في النّكرة لا في المعرفة ، كما بيّنّا في «كم» فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.