responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 90

و يحتمل التأخير إلى الإتلاف، انتهى. و لا فرق في هذا بين صيد و صيد، و لا بين شجرة و شجرة، و كأن السلب في معنى العقوبة لمتعاطي ذلك. قال السراج البلقيني: و لو كان الصائد أو قاطع الشجر في حرم المدينة عبدا هل يسلب ثيابه كما اتفق لسعد بن أبي وقاص؟ قال: و الذي يقتضيه النظر أنه لا يسلب العبد؛ فإنه لا ملك له، و كذلك لو كان على الصائد ثوب مستأجر أو مستعار فإنه لا يسلب، و لم أر من تعرض له، انتهى. قلت:

التحقيق التفصيل بين ما إذا أمره السيد أو من في معناه بذلك و بين ما إذا لم يأمره، و يحمل ما اتفق لسعد على الأول، و لو كان على الصائد و المحتطب ثياب مغصوبة لم تسلب بلا خلاف، كما نقله في شرح المهذب، و نقله في المطلب عن البحر، ثم قال: و ينبغي أن تكون المستعارة كذلك، و لو لم يشاهده أحد يصطاد فالظاهر أنه يجب عليه حمل السلب إلى نائب الإمام، و لو تحدث بحضرة أحد فسمعه فهل يجوز له أن يسلبه؟ الظاهر عندي لا، انتهى. و لو أدخل إلى حرم المدينة صيدا لم يلزمه إرساله، و له ذبحه به اتفاقا، و كذا حرم مكة عندنا. و قد روى البيهقي أن أصحاب رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) كانوا يقدمون مكة فيرون بها في الأقفاص القماري‌ [1] و اليعاقيب، و هذا محمل حديث «يا أبا عمير، ما فعل النغير [2]» أو أنه كان قبل تحريم المدينة؛ لأنه في أول الهجرة، و تحريم المدينة كان بعد رجوعه (صلّى اللّه عليه و سلم) من خيبر، كما أوضح ذلك الحافظ ابن حجر. و قد تمسك أبو حنيفة بقصة أبي عمير فيما ذهب إليه من عدم تحريم صيد المدينة؛ لذهابه في حرم مكة إلى وجوب الإرسال على من أدخل إليه صيدا من خارجه، قال: فلو حرم النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) صيد المدينة لما أقر النغير في يد أبي عمير. و جوابه ما تقدم، قال البيهقي: و الذاهب إلى عدم تحريم الصيد و غيره بالمدينة زعم أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إنما أراد بقاء رينة المدينة و بهجتها لتستوطن كما منع من هدم آطام المدينة لذلك، قال أبو هريرة (رضي الله عنه): نهى رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) عن هدم آطام المدينة، و قال: إنها زينة المدينة، أي فالنهي للتنزيه. قال البيهقي: و النهي عندنا على التحريم حتى تقوم دلالة على التنزيه، قال: و استدل المخالف بحديث سلمة «أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق لشيّعتك إذا ذهبت و تلقيتك إذا جئت، فإني أحب العقيق» قال البيهقي: و هو حديث ضعيف، و من يدعي العلم بالآثار لا ينبغي له أن يعارض الأحاديث الثابتة في حرم المدينة لهذا الحديث الضعيف، و قد يجوز أن يكون الموضع الذي كان سلمة يصيد فيه خارجا من حرم المدينة، و الموضع الذي رأى فيه سعد بن أبي وقاص غلاما يقطع شجرا من حرم المدينة داخله، حتى لا يتنافيان، و لو اختلفا كان الحكم لرواية


[1] القماري: واحدها القمريّ: ضرب من الحمام مطوّق حسن الصوت.

[2] النّغير مصغر النّغر (ج) نغران: فرخ العصفور. و- البلبل.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست