responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 89

سعدا وجد إنسانا يعضد، أو يخبط، عضاها بالعقيق، فأخذ فأسه و نطعه و شيئا سوى ذلك، فاطلع العبد إلى ساداته فأخبرهم الخبر، فركبوا إلى سعد فقالوا: الغلام غلامنا، فاردد إليه ما أخذت منه، قال: سمعت رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و ذكر ما قدمناه عنه في الفصل العاشر، و قال في آخره: «فلم أكن لأرد شيئا أعطانيه رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم)» و رواه ابن زبالة من طرق بنحوه.

و في بعضها أن سعد بن أبي وقاص وجد جارية لعاصية السلمية تقطع الحمى فضربها و سلبها شملة لها و فأسا كانت معها، فدخلت عاصية السلمية إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فاستعدت على سعد، فقال: اردد إليها يا أبا إسحاق شملتها و فأسها، فقال:

«لا، و الله لا أرد إليها غنيمة غنمنيها رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) سمعته يقول: من وجدتموه يقطع الحمى فاضربوه و اسلبوه» و اتخذ من فأسها مسحاة فما زال يعمل بها حتى لقي الله. و في بعضها: أخذ سعد بن أبي وقاص جارية لعاصية السلمية تقطع شجرا بالعقيق، فنزع سلبها، و ذكر نحوه. و روى أيضا عن سعد قال: غنّمنا رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) من وجدناه يقطع من شجر حرم المدينة الرطب منه. و عن زيد بن أسلم نحوه. و روى الجندي عن عبد الكريم بن أبي المخارق قال: أتى عمر بن الخطاب ناحية من المدينة فوجد غلاما لبعضهم في حائط، فقال: هل يأتيك هاهنا أحد يحتطب؟ قال: نعم، فقال له عمر: إن رأيت منهم أحدا فخذ فأسه و حبله، قال: و ثوبه؟ قال: فأبى، و فس نسخة فأفتى، و في رواية عنه: أن عمر قال لغلام قدامة بن مظعون: أنت على هؤلاء الحطابين، فمن وجدته احتطب فيما بين لابتي المدينة فلك فأسه و حبله، قال: و ثوباه؟ قال عمر: ذلك كثير.

و قد اختلف القائلون بالتحريم في حرم المدينة بالنسبة إلى الضمان بالجزاء، فعن أحمد روايتان، و للشافعي أيضا قولان كالروايتين: الجديد منهما عدم الضمان و هو قول مالك؛ لأنه ليس بمحل نسك، فأشبه مواضع الحمى و وج الطائف‌ [1]، و القديم الضمان، و هو المختار كما قاله النووي و غيره، لحديث سعد المتقدم، و الجواب عنه مشكل، و على هذا فالأصح أنه يسلب الصائد و قاطع الشجر و الكلأ كما يسلب القتيل من الكفار حتى يؤخذ فرسه و سلاحه، و قيل: الثياب فقط، و يكون ذلك للسالب على الأصح، و قيل:

لفقراء المدينة كما أن جزاء صيد مكة لفقرائها، و قيل: يوضع في بيت المال و سبيله سبيل السهم المرصد للمصالح. قال الشيخ أبو محمد: و يعطى المسلوب إزارا يستر به عورته، فإذا قدر على ما يستر به عورته أخذه منه، و اختار الروياني أنه يترك له، و صوبه النووي.

قال الرافعي: و الذي يسبق إلى الفهم من الحديث و كلام الأئمة أنه يسلب إذا اصطاد، و لا يشترط الإتلاف، و لفظ الغزالي في الوسيط: لا يسلب حتى يصطاد أو يرسل الكلب،


[1] الوجّ: واد بين الطائف و مكة.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست