responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 87

أن ينزل بياقوتة من الجنة، فنزل بها، فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما، و هو من جنس ما قبله. و قيل غير ذلك؛ و حينئذ فيحتمل: أن تكون الملائكة الموكلة بحراسته (صلّى اللّه عليه و سلم) و حراسة بلده الشريف قائمة بتلك الحدود، فانتهى الحرم إليها، و يحتمل: أن درته الشريفة التي خلق منها لما كان مأخذها موضع قبره الشريف، و هو أعظم رياض الجنة، و اشتمل مسجده أيضا على روضة من رياض الجنة، انبثت الأنوار من ذلك إلى ما لا يعلم غايته إلا الله، و لكن أبصار الناظرين لها غايات؛ فقد يكون انتهاؤها إلى تلك الحدود فانتهى الحرم إليها، و يحتمل أنه (صلّى اللّه عليه و سلم) يوم قدومه إلى المدينة انتشرت الإضاءة، و شوهد وصولها إلى تلك الحدود، و سيأتي قول أنس بن مالك في وصف يوم قدومه (صلّى اللّه عليه و سلم): ما رأيت مثل ذلك اليوم قط، و الله لقد أضاء منها كل شي‌ء، يعني: المدينة، و الله أعلم.

الفصل الثالث عشر في أحكام هذا الحرم الشريف، و فيه مسائل‌

الأولى: القول في تحريم الصيد و قطع الشجر

اتفق الشافعي و مالك و أحمد على تحريم صيد حرم المدينة، و اصطياده، و قطع شجره. و قال أبو حنيفة: لا يحرم شي‌ء من ذلك، و الأحاديث الصحيحة الصريحة حجة عليه، و قد قدمنا جملة منها، و لو لم يكن إلا قوله (صلّى اللّه عليه و سلم) «كما حرم إبراهيم مكة» لكان كفاية؛ فإنه يتمسك به في كل ما لم يقم دليل على افتراق الحرمين فيه. و روى أبو داود- و سكت عليه، قال النووي: و هو صحيح أو حسن، أي: كما هو قاعدته فيما يسكت عليه- أن سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) فسلبه ثيابه، فجاء مواليه فكلموه فيه، فقال: إن رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) «حرم هذا الحرم، و قال: من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و لكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه» و سيأتي عنه نحوه في قطع الشجر، و في الموطأ عن أبي أيوب الأنصاري أنه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية، فطردهم عنه، قال مالك:

لا أعلم إلا أنه قال: أ في حرم رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) يصنع هذا؟ و روى الطبراني برجال الصحيح مثله عن زيد بن ثابت بدل أبي أيوب، و في الموطأ أيضا أن رجلا قال: دخل علي زيد بن ثابت و أنا بالأسواف‌ [1]، و قد اصطدت نهسا [2] فأخذه من يدي، فأرسله. و رواه‌


[1] الأسواف: موضع بين الحرتين، ببعض أطراف المدينة.

[2] النهس: طائر من الفصيلة الصردية لونه كستنائي و هو أكبر من العصفور، ضخم الرأس و المنقار، شرس الطباع.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست