responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 86

الحديد المستعمل في القماش بمصر الآن ذراع إلا ثمن ذراع، كما اعتبرته أنا و غيري، و مشى عليه التقي الفاسي في تاريخ مكة المشرفة، و ليكن ذلك على ذكر منك إذا مررت بشي‌ء مما ضبطناه في المسافات في كتابنا هذا، و قيل: الميل ستة آلاف ذراع، و مشى عليه النووي، و هو بعيد، و لعل قائله هو الذي يجعل الإصبع في الذراع ثلاث شعيرات فقط، و قيل: الميل ألفا ذراع، و الصواب ما قدمناه، و الله أعلم.

الفصل الثاني عشر في حكمة تخصيص هذا المقدار المعين بالتحريم‌

حكمة التخصيص‌

اعلم أن المفهوم من تحريم ذلك تشريف المدينة الشريفة و تعظيمها به لحلول أشرف المخلوقين صلوات الله و سلامه عليه، و انتشار أنواره و بركاته بأرضها، و كما أن الله تعالى جعل لبيته حرما تعظيما له جعل لحبيبه و أكرم الخلق عليه ما أحاط بمحله حرما تلتزم أحكامه، و تنال بركاته، و يوجد فيه من الخير و البركة و الأنوار المنتشرة و السلامة العاجلة و الآجلة ما لا يوجد في غيره، و لهذا حث النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) بني حارثة على الكون به، كما أشار إليه بقوله: «أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم» ثم التفت فقال: «بل أنتم فيه» و ذلك لخصوصية الكون فيه على الكون خارجه، و تخصيص ذلك المقدار إما أن يكون لما شاهده (صلّى اللّه عليه و سلم) فيه من أمر رباني، و سر روحاني بثه الله فيه إلى تلك الحدود المتقدمة، و قد ذكر أهل الشهود أنهم يشاهدون الأنوار منبثة في الحرم و أهله إلى حدوده، و لها منابع تفيض عنها، و ذلك في الحرمين جميعا، فترتبت الأحكام الظاهرة على تلك الحقائق الباطنة، و لهذا لما بلغت النار الآتي ذكرها طرف هذا الحرم الشريف طفئت كما سيأتي، و إما أن يكون بمقتضى أمر إلهي، و وحي رباني لا ندركه نحن؛ إذ العقول البشرية قاصرة عن إدراك معاني الأحكام المتلقاة عن النبوة، و إنما يظهر لها لايحه من شوارق مطالعها عند التأييد و التسديد، هدانا الله لإدراكها بمنه و كرمه.

وجوه تذكر في حكمة التحديد

و قد قيل في حكمة تحديد الحرم المكي أشياء يمكن مثلها هنا؛ فقيل: لما أهبط آدم إلى الأرض أرسل الله ملائكة حفوا بمكة من كل جانب و وقفوا في موضع أنصاب الحرم يحرسون آدم (عليه السلام)، فصار ذلك حرما. و قيل: لما وضع الخليل (عليه السلام) الحجر الأسود في الكعبة حين بناها- و هو من أحجار الجنة- أضاء الحجر من الجهات الأربع، فحرم الله تعالى الحرم من حيث انتهى النور. و قيل: إن الله تعالى أمر جبريل (عليه السلام)

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست