responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 72

قال الشافعي: لا يجوز لغير أهل المدينة أن يماروا أهل مكة و لا ينافسوهم لأن الله فضّلهم على سائر البلاد، انتهى. و حاصل التوجيه أن الحسد في الخير مطلوب، و هو في الحقيقة غبطة كما حسد المهاجرون- لما لم يكن لهم ما يتصدقون به- الأنصار فقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور [1]، فأثبت أهل المدينة هذا العدد بضرب من الاجتهاد ليلحقوا بأهل مكة، و قد تشارك البلدان في الفضائل حتى اختلف في تفضيل كل منهما على الأخرى، و جعل لأهل المدينة ما يحصل به ثواب الاعتمار و الحج، و امتازت المدينة بالمهاجر و القبر، فجعل لأهلها طريق إلى تحصيل تلك الفضيلة السابقة مع إقامتهم بها، و لعله لو لم يشرع لهم ذلك لحملتهم الرغبة في الخير على الانتقال إلى مكة، و سكنى المدينة مطلوب، و أما غيرهم فليس له شي‌ء من هذا الفضل، فكيف يتأتى له مساواة أهل مكة؟ فلم يشرع لهم ذلك، هذا و إجماع أهل المدينة حجة عند مالك، و القيام بهذا العدد بالمدينة باق إلى اليوم إلا أنهم يقومون بعشرين ركعة عقب العشاء، ثم يأتون آخر الليل فيقومون بستة عشر ركعة، فوقع لهم خلل في أمر الوتر نبّهنا عليه في كتاب «مصابيح القيام، في شهر الصيام» و كنت قد ذكرت لهم ما يحصل به إزالة ذلك، ففعلوه مدة، ثم غلبت الحظوظ النفسية على بعضهم فعاد الأمر كما كان.

الحادية و الثمانون: زيادة البركة بها، على مكة المشرفة،

و قد قدمنا حديثا يشير إلى أن المدعو به لها ستة أضعاف ما بمكة من البركة، و المصرح به في الأحاديث «ضعفي ما جعلت بمكة من البركة» و في بعضها «مثل ما جعلت بمكة من البركة و مع البركة بركتين».

الثانية و الثمانون: نقل عن مالك أن خبر الواحد إذا عارضه إجماع أهل المدينة قدم إجماعهم،

و لهذا روي حديث خيار المجلس ثم قال: و ليس لهذا عندنا حد معلوم و لا أمر معمول به؛ لما اختص به أهل المدينة من سكناهم مهبط الوحي و معرفتهم بالناسخ و المنسوخ، فمخالفتهم تقتضي علمهم بما أوجب ترك العمل من ناسخ أو دليل راجح، و المحققون على أن البقاع لا أثر لها في ذلك، و قد بلغ ابن أبي ذئب- و هو من أقران مالك- مخالفته للحديث فأغلظ في ذلك لأن العصمة إنما تثبت في إجماع جميع الأمة، و يؤخذ من كلام مالك اختصاص ذلك بعمل أهل ذلك العصر من أهل المدينة.


[1] أهل الدثور: أصحاب الأموال الكثيرة.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست