responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 38

و في الصحيحين حديث: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» و يأرز كمسجد أي: ينقبض و يجتمع و ينضم و يلتجئ، و قد رأينا كل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لحبه في النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) فيشمل ذلك جميع الأزمنة؛ لأنه في زمنه (صلّى اللّه عليه و سلم) للتعلم منه، و في زمن الصحابة و التابعين للاقتداء بهم، و من بعد ذلك لزيارته، و فضل بلده، و التبرك بمشاهدة آثاره، و الاتباع له في سكناها.

و روينا في فضائل المدينة للجندي حديث: «يوشك الإيمان أن يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» يعني: يرجع إليها الإيمان.

و أسند ابن زبالة حديث: «لا تقوم الساعة حتى يحاز الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل الدّمن».

و قد تقدم في الأسماء حديث الصحيحين: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب و هي المدينة» قال ابن المنذر: يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها؛ فمعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكاد تكون عدما، و هذا أبلغ من تسمية مكة «أم القرى»؛ لأن الأمومة لا تنمحي معها ما هي له أم، لكن يكون لها حق الأمومة، انتهى.

و جزم القاضي عبد الوهاب بهذا الاحتمال.

و روى البزار عن علي (رضي الله عنه) حديث: «إن الشياطين قد يئست أن تعبد ببلدي هذا» يعني: المدينة «و بجزيرة العرب، و لكن التحريش بينهم» و له أصل في صحيح مسلم من حديث جابر.

و روى أبو يعلى بسند فيه من اختلف في توثيقه و بقية رجاله ثقات عن العباس (رضي الله عنه) قال: خرجت مع رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) من المدينة فالتفت إليها و قال: «إن الله قد برأ هذه الجزيرة من الشرك» و في رواية: «إن الله قد طهّر هذه القرية من الشرك، إن لم تضلّهم النجوم، قال: ينزل الله الغيث، فيقولون: مطرنا بنوء [1] كذا و كذا» و قد تقدم في الأسماء تسميتها بالمؤمنة و المسلمة، و أنه لا مانع من إجرائه على ظاهره فهو مقتض للتفضيل، سيما و سببه ما سبق من كونه (صلّى اللّه عليه و سلم) خلق من تربتها.

و قد استدل أبو بكر الأبهري من المالكية على تفضيلها على مكة بما سبقت الإشارة إليه من أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) مخلوق من تراب المدينة، و هو أفضل البشر، فكانت تربته أفضل الترب. قال الحافظ ابن حجر: و كون تربته أفضل الترب لا نزاع فيه، و إنما النزاع هل يلزم من ذلك أن تكون المدينة أفضل من مكة؟ لأن المجاور للشي‌ء لو ثبت له جميع مزاياه‌


[1] النوء: المطر الشديد. و- النجم إذا مال للغروب.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست