responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 37

عداها، مع أن دعاءه (صلّى اللّه عليه و سلم) للمدينة بضعفي ما بمكة من البركة، و مع البركة بركتين شامل للأمور الدينية و الدنيوية، و قد يبارك في العدد القليل فيربو نفعه على الكثير، و لهذا استدل به على تفضيل المدينة لأكثرية المدعو به لها من البركة الشاملة.

و لا يرد على ما قررناه ما جاء في فضل الكعبة الشريفة؛ إذ الكلام فيما عداها، و لهذا روى مالك في الموطأ أن عمر (رضي الله عنه) قال لعبد الله بن عياش المخزومي: أنت القائل لمكة خير من المدينة؟ فقال عبد الله: هي حرم الله و أمنه، و فيها بيته، فقال عمر:

لا أقول في حرم الله و لا في بيت الله شيئا، ثم قال عمر: أنت القائل لمكة خير من المدينة؟ فقال عبد الله: هي حرم الله و أمنه، و فيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله و لا في بيت الله شيئا، ثم انصرف، و في رواية لرزين: فاشتد على ابن عياش، فانصرف.

و لا يرد أيضا ما بمكة من مواضع النسك؛ لتعلق النسك بالكعبة، و أيضا فقد عوّض الله المدينة عن العمرة ما سيأتي في مسجد قباء، و عن الحج ما سيأتي مرفوعا:

«من خرج لا يريد إلا الصلاة في مسجدي حتى يصلي فيه كان بمنزلة حجة»، و هذا أعظم؛ لكونه أيسر، و يتكرر في اليوم و الليلة مرارا، و الحج لا يتكرر، و يؤخذ منه أنه يضاف إلى ما جاء في المضاعفة بمسجدها الحجة لمن أخلص قصده للصلاة.

و لا يرد أيضا كونه (صلّى اللّه عليه و سلم) أقام بمكة بعد النبوة أكثر من إقامته بالمدينة، على الخلاف فيه؛ لأن إقامته بالمدينة كان سببا في إعزاز دين الله و إظهاره، و بها تقررت الشرائع، و فرضت غالب الفرائض، و أكمل الله الدين، و استقر بها (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى قيام الساعة.

و قد ثبت في محبته (صلّى اللّه عليه و سلم) للمدينة ما لم يثبت مثله لمكة، و حثّ على الإقامة و الموت بها، و الصبر على لأوائها و شدتها، كما ستقف عليه، و سيأتي حديث: «اللهم لا تجعل منايانا بمكة» و حديث: «ما على الأرض بقعة أحب إلي من أن يكون قبري بها منها» يعني المدينة، قالها ثلاث مرات.

و قد شرع الله لنا أن نحب ما كان رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) يحبه، و أن نعظم ما كان يعظمه، و إذا ثبت تفضيل الموت بالمدينة ثبت تفضيل سكناها، لأنه طريقه هذا، و قد روى الطبراني في الكبير و المفضل الجندي في فضائل المدينة و غيرهما عن رافع بن خديج (رضي الله عنه) قال: أشهد سمعت- و في رواية «لسمعت»- رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) يقول: «المدينة خير من مكة»، و في إسناده محمد بن عبد الرحمن الرداد، و قد ذكره ابن حبان في الثقات، و قال:

كان يخطئ، و قال أبو حاتم: ليس بقوي، و قال أبو زرعة: ليّن، و قال الأزدي: لا يكتب حديثه، و قال ابن عدي: روايته ليست محفوظة، و لهذا قال ابن عبد البر: هو حديث ضعيف، و فيما قدمناه غنية عنه.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست