responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 187

و أخذت الطرق، و جعلت الجعائل‌ [1] لمن جاء به، فانصرفت أعينهم و لم يجدوا شيئا، فجاء الديلي بعد ثلاث بالراحلتين، و لا ينافي هذا ما وقع في رواية هشام بن عروة عند ابن حبان حيث قال: فركبا حتى أتيا الغار فتواريا؛ لاحتمال أنهما ركبا غير هاتين الراحلتين، أو هما ثم ذهب بهما عامر بن فهيرة إلى الديلي.

و ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب في الحديث المتقدم أن عليا رقد على فراش رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) يوري عنه، و باتت قريش تحلف و تأتمر، أيهم يهجم على صاحب الفراش فيوثقه، حتى أصبحوا فإذا بعلي، فسألوه فقال: لا علم لي، فعلموا أنه فر منهم.

و روى أحمد بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية فذكر تشاور قريش ثم قال: فبات علي على فراشه (صلّى اللّه عليه و سلم) و خرج هو حتى لحق بالغار، و بات المشركون يحرسون عليا يحسبونه رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه، فلما أصبحوا و رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال:

لا أدري، فاقتصّوا أثره‌ [2]، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل، فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال، و ذكر نحوه موسى بن عقبة عن الزهري، و كله مقتض لأن الخروج إلى الغار كان في بقية تلك الليلة، و كان ذلك بعد العقبة شهرين و ليال، و قال الحاكم: بثلاثة أشهر أو قريبا منهم، و يرجح الأول ما جزم به ابن إسحاق من أنه خرج أول يوم من ربيع الأول؛ فيكون بعد العقبة بشهرين و بضعة عشر يوما، و كذا جزم به الأموي، فقال: خرج لهلال ربيع الأول، و قدم المدينة لاثني عشر خلت منه، و على هذا كان خروجه يوم الخميس، و هو الذي ذكره محمد بن موسى، لكن قال الحاكم: تواترت الأخبار بأن الخروج كان يوم الإثنين، و جمع الحافظ ابن حجر بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس: أي في أثناء ليلته لما قدمناه، و خروجه من الغار- يعني غار ثور- ليلة الإثنين؛ لأنه أقام فيه ثلاث ليال، و من روى ليلتين لعله لم يحسب أول ليلة، و أما حديث الحاكم «لبثت مع صاحبي» يعني: أبا بكر «في الغار بضعة عشر يوما، ما لنا طعام إلا ثمر البرير» أي الأراك، فقال الحاكم: معناه مكثنا مختفين من الكفار في الغار و في الطريق بضعة عشر يوما، و قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر أنها قصة أخرى، لما في الصحيح من أن عامر بن فهيرة كان يروح عليهما في الغار باللبن، و كذا قصة نزولهما بخيمة أم معبد، و غير ذلك، و كان مدة مقامه (صلّى اللّه عليه و سلم) بمكة بعد النبوة بضع عشر سنة. و قال عروة:


[1] الجعائل: ما جعل على العمل من أجر أو رشوة. مفردها: الجعالة.

[2] اقتصوا أثره: تتبعوا أثره.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست