اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 188
عشرا، و قال ابن عباس: خمس عشر سنة، و في رواية عنه: ثلاث عشرة، و لم يعلم بخروجه إلا علي و آل أبي بكر، و كان من قصة نسج العنكبوت و غيره من أمر الغار ما كان، و انطلق رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و أبو بكر، و معهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر و يعقبه، و الدليل، فأخذ بهم في أسفل مكة حتى أتى بهما طريق السواحل أسفل من عسفان، ثم عارض الطريق على أمج [1]، ثم نزل من قديد خيام أم معبد الخزاعية من بني كعب، و بقية المنازل إلى قباء ذكرها ابن زبالة، و قد أوضحناه في الأصل، و اتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد على ما ذكره ابن سعد و غيرها من القصص المشتملة على الآيات البينات.
قال رزين: و أقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذ محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) فسمعوا صوتا على أبي قبيس و هو يقول:
فإن يسلم السّعدان يصبح محمد * * * من الأمن لا يخشى خلاف المخالف
فقالت قريش: لو علمنا من السعدان، فقال:
أيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا * * * و يا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى و تبوّءا * * * من الله في الفردوس زلفة عارف
فعلموا إذ ذاك أنه أخذ طريق المدينة.
قلت: و الأقرب ما تقدم من إنشاد هذه الأبيات قبل ذلك؛ لأن السعدين كانا قد أسلما قبل، ثم سمعوا قائلا بأسفل مكة لا يرى يقول:
جزى الله ربّ الناس خير جزائه * * * رفيقين قالا: خيمتي أم معبد
قصة أم معبد
قلت: و روى هذا مع الأبيات الآتية مما سمع حينئذ، و قيل: سمعوا هاتفا على أبي قبيس يقول:
جزى الله خيرا و الجزاء بكفه * * * رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد
هما رحلا بالحقّ و انتزلا به * * * فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فما حملت من ناقة فوق رحلها * * * أبرّ و أوفى ذمة من محمد
و أكسى لبرد الخال قبل ابتذله * * * و أعطى لرأس السانح المتجدد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم * * * و مقعدها للمؤمنين بمرصد
و كان رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) قد مرّ بأم معبد، فاستسقاها لبنا، فقالت: ما عندنا من لبن،