كهول من قريظة أتلفتهم * * * سيوف الخزرجية و الرماح
و لو أذنوا بأمرهم لحالت * * * هنالك دونهم حرب رداح [1]
قال أهل السير: ثم انصرف أبو جبيلة راجعا إلى الشام، و قد ذلّل الحجاز و المدينة، و مهّدها للأوس و الخزرج.
و نقل المجد عن ياقوت أن تبّعا كان بالمدينة، فإنه قال: و عكس ياقوت قصة افتضاض الأبكار؛ فجعل أنها كانت باليمامة، و أن أهل المدينة مع تبّع هم الذين أزالوا هذه الفضيحة من اليمامة، ثم أورد كلام ياقوت، و ليس مضمونه ما ذكره؛ بل مضمونه أن من كان يفعل فيهم هذه الفضيحة باليمامة احتالوا في دفعها و قتلوا من كان يفعل بهم ذلك و غلبوا عليهم، فهرب منهم شخص و لحق بتبع فنصره تبع مع أهل المدينة، و هو خبر ممتنع فلنورده تبعا للمجد، قال ياقوت: إن طسما و جديسا من ولد لاوذ بن إرم بن لاوذ بن سام بن نوح (عليه السلام) أقاموا باليمامة، و كثروا بها، حتى ملكوا عليهم عمليق الطّسمي- و كان جبارا غشوما، و كان قد قضى بقضاء جائر بين امرأة و زوجها من جديس، فأنشدت المرأة أبياتا بلغته، فأمر ألا تزوج بكر من جديس حتى تدخل عليه فيكون هو الذي يفترعها [2]- و لقوا منه ذلا، حتى زوجت منهم أخت الأسود بن غفار سيد جديس، و كان جلدا، فلما كانت ليلة الإهداء خرجت و القيان [3] حولها لتحمل إلى عمليق و هن يضربن بمعازفهن و يقلن:
أبدى بعمليق و قومي فاركبي * * * و بادري الصبح بأمر معجب
فسوق تلقين الذي لم تطلبي * * * و ما لبكر دونه من مهرب
ثم أدخلت على عمليق فافترعها، و قيل: كانت أيدة [4]، فامتنعت عليه، فخاف العار فوجأها [5] بحديدة في قبلها فأدماها، فخرجت و قد تقاصرت إليها نفسها فشقّت ثوبها من خلفها و دماؤها تسيل، فمرت بأخيها في جمع من قومه و هي تبكي و تقول: