و علمت أنه لا يحيط المخلوق بالغاية، و لا يبلغ البشر النهاية، و ليست شريعة لا بد من تمامها، و لا دين لا يكمل إلا بالإحاطة به، و قد يقول أهل العلم في علم أهل الدين الذين هو الفقه مختصر كتاب فلان الفقيه، و يقول أهل الآداب في كتب الآداب مثل اللغة، و النحو، و المغازي، و الأخبار، و السير مختصر كتاب كذا، فجعلنا هذا الكتاب مختصرا لأخبار البلدان، فإن وقف أحد من أخبار بلد مما ذكرنا على ما لم نضمّنه كتابنا هذا، فلم نقصد أن يحيط بكل شيء.
و قد قال الحكيم: ليس طلبي للعلم طمعا في بلوغ قاصيته، و استيلاء على نهايته، و لكن معرفة ما لا يسع جهله، و لا يحسن بالعاقل خلافه، و قد ذكرت أسماء الأمصار، و الأجناد، و الكور، و ما في كل مصر من المدن و الأقاليم، و الطساسيج [1]، و من يسكنه، و يغلب عليه، و يترأس فيه من قبائل العرب، و أجناس العجم، و مسافة ما بين البلد و البلد، و المصر و المصر، و من فتحه من قادة جيوش الإسلام، و تأريخ ذلك في سنته، و أوقاته، و مبلغ خراجه، و سهله، و جبله، و برّه، و بحره، و هوائه في شدة حرّه، و برده، و مياهه، و شربه.