responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 520

خيلا كثيرة يتبع بعضها بعضا. فلم يكن أسرع من أن وافت الخيل شماطيط [1].

فكان الفارس إذا رأى مقرعة سابور، نزل عن دابته و سجد له، حتى اجتمع خلق من أصحابه و وزرائه، فجلس لهم و دخلوا إليه و حيّوه بتحية الملك. فلما كان بعد أيام جلس يحدث وزراءه فقال له بعضهم: سعدت أيها الملك و عمرت عمرا طويلا، أخبرنا ما الذي أفدته في طول هذه المدة؟ قال: ما استفدت إلّا بقرة واحدة. ثم أحضرها إليهم و قال: ها هي. فمن أراد إكرامي فليكرمها. فأقبل الوزراء و الأساورة يلقون عليها ما عليهم من الثياب و الحليّ و ما معهم من الدراهم و الدنانير حتى اجتمع من ذلك ما لا يحصى كثرة. ثم قال لأبي الجارية: دونك جميع هذا المال فخذه لابنتك.

و قال له وزير آخر: أيها الملك المظفر، فما أشدّ شي‌ء مرّ عليك و أصعبه؟

قال: طرد الوحش بالليل عن الزرع، فإنها كانت تعييني و تسهرني و تبلغ مني [133 ب‌] فمن أراد سروري فليصطد لي منها ما قدر عليه لأبني من حوافرها بنية يبقى ذكرها على سائر الدهر و مرّ الليالي و الأيام.

فتفرق القوم في صيدها. فصادوا منها ما لا يبلغه العدد. فكان يأمر بقلع حوافرها أولا أولا حتى اجتمع من ذلك مثل التل العظيم. فأحضر البنائين و أمرهم أن يبنوا من ذلك منارة عظيمة يكون ارتفاعها خمسين‌ [2] ذراعا في استدارة ثلاثين ذراعا، و أن يجعلوها مصمتة بالكلس و الحجارة، ثم تركب الحوافر حولها نظما من أسفلها إلى أعلاها مسمرة بالمسامير الحديد. ففعل ذلك فصارت كأنها منارة من حوافر.

فلما فرغ صانعها من بنائها جلس شابور يتأملها فاستحسنها و استظرفها و قال للذي بناها- و هو عليها ما نزل عنها بعد-: هل كنت تقدر على بناء أحسن منها؟

قال: نعم. قال: فهل بنيت مثلها لأحد؟ قال: لا. قال: فإن أمرك بعض الملوك‌


[1] أي أفواجا.

[2] في الأصل: خمسون. و في المختصر 250 ان ارتفاع المنارة 30 ذراعا و عرضها 20 ذراعا.

اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست