بناء أحسن منها، هل في استطاعتك ذلك؟ قال: نعم. قال: و الله لأتركنّك لا تبني لأحد مثلها و لا دونها و لا أحسن منها. ثم تركه عليها و انصرف هو و أصحابه سائرين.
و كانت هذه البني قد بناها في فلاة ليس بقربها أحد، و إنما عمرت القرية التي فيها بعد ذلك. فقال: أيها الملك، قد كنت أرجو منك الحباء و الكرامة. فإن كنت لا بدّ قاتلي فلي حاجة ما على الملك فيها مشقة. قال: و ما هي؟ قال: يأمر الملك أن أعطى خشبا لأعمل لنفسي مكانا أكون فيه حتى يأتيني الموت لئلا تمزقني العقبان و النسور و سائر طيور الجو و جوارحه. قال: أعطوه ما سأل. فأعطي خشبا- و كانت معه آلة النجارة- فعمل لنفسه أجنحة من خشب جعلها مثل الريش و ضمّ بعضها إلى بعض. فلما كان في بعض الليالي- و كانت ليلة ذات ريح- شدّها على نفسه [و بسطها حتى] [1] دخل الريح فيها فحملته حتى ألقته إلى الأرض صحيحا لم يصبه شيء. و هرب فلم يقدر عليه. و اتصل خبره بسابور فقال: قاتله اللّه! ما كان أحكمه و أصنع كفيه.
قال: فالمنارة قائمة في هذه القرية إلى يومنا هذا مشهورة المكان. و لشعراء همذان و غيرهم [134 أ] فيها أشعار لم نكتب شيئا منها لركاكتها و قلة الجيد فيها.