اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 636
فتوجّهت به إلى مصر، فنشأ بها حتى صار عمره اثنتي عشرة سنة. و قيل إنها لم تحض قبل الحمل به إلّا حيضة واحدة.
و ذكر وهب أنه لما ولد تكسّرت الأصنام في الشرق و الغرب، و اشتهر أمره منذ تكلّم في المهد، و ظهرت على يده الخوارق.
و اختلف متى تكلم بعد أن قال في المهد ما قال؟ ففي تفسير مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس: لم يتكلم بعد حتى بلغ ما يبلغ الأطفال الكلام، فنطق بالحكمة.
و ذكر أبو حذيفة البخاريّ في «المبتدإ»، و هو واهي الحديث، من طريق أبي نضرة، عن أبي سعيد، و من طريق مكحول، عن أبي هريرة [1]، قال: أول ما نطق لسان عيسى به بعد كلامه في المهد أنه مجّد اللَّه تمجيدا لم تسمع الآذان مثله، و كان كلامه في المهد، و هو ابن أربعين يوما.
و ذكر السّدّيّ بأسانيد عن مشايخه في حديث ذكره أنّ ملكا من ملوك بني إسرائيل مات و حمل على سريره، فجاء عيسى، فدعا اللَّه فأحياه.
و أخرج أبو داود في كتاب «القدر»، من طريق معمر، عن الزهري، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: لقي عيسى إبليس، فقال: أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك؟ قال:
نعم. قال: فارق بذروة هذا الجبل فتردّى منه، فانظر تعيش أو لا، قال عيسى: أما علمت أنّ اللَّه قال: لا يجربني عبدي، فإني أفعل ما شئت؟ لفظ طاوس. و في رواية الزهري: فقال عيسى إن العبد لا يبتلي ربّه، لكن اللَّه يبتلي عبده.
و أخرجه من طريق خليد [2] بن زيد، عن طاوس. و أخرجه ابن أبي الدنيا من وجه آخر نحوه.
و نشأ عيسى زاهدا في الدنيا لم يتخذ بيتا و لا زوجة، و كان يسبح في الأرض، و يتقوّت بما يخرج منها، و لا يدّخر شيئا، و كان يخبر الناس بما يأكلون و ما يدّخرون، كما قال اللَّه تعالى، و يحيى الموتى، و يخلق الطير، فقيل هو الخفاش. قيل: كان لا يعيش إلّا يوما واحدا.
و قال وهب: كان يطير بحيث يغيب عن الأعين، فيقع ميتا ليتميز خلق اللَّه من فعل غيره.